Ad

انتخابات 17 مايو هي انتخابات من النوع التاريخي الذي لن يتكرر واتجاهات التصويت لن تكون مقياسا حقيقيا لنبض الشارع، خصوصا انه لا توجد قضية رئيسية حاكمة للمزاج الشعبي العام.

ابتداءً أتوجه بخالص التقدير لوزارة الداخلية لاستجابتها السريعة للمقترحات التي قدمتها في مقالتي منذ يومين، والخاصة بنشر ورقة الانتخاب بوسائل الإعلام، إذ أعلن المدير دائرة الانتخابات النشطة علي مراد أن الوزارة، ستقوم بعرض الأسماء كما وردت في ورقة الانتخاب، ولا شك ان هذه الخطوة ستسهم في مساعدة الناخب والمرشح على حد سواء، وبالتالي يضاف ذلك الى قائمة الأمور الأولى التي تحدث في هذه الانتخابات الغريبة.

ومن المؤكد، ان خطوة كهذه ستؤثر في اتجاهات التصويت، إذ انها ستقلل من الأخطاء التي عادةً ما تحدث اثناء التصويت بسبب كثرة عدد المرشحين، ولأنهم يترشحون على أساس فردي،وعلى أساس قوائم، فنسبة الخطأ في التصويت بسبب عدم الاطلاع على شكل ورقة الانتخاب، وعدم معرفة رقم المرشح في تسلسل الورقة يبلغ ما بين 5% الى 15%، وهي نسبة كبيرة، وقد تؤثر بصورة سلبية في مخرجات التصويت.

وإذ إن الشيء بالشيء يُذكر وتعزيزا لمزيد من الشفافية للعملية الانتخابية، فإنه من غير المفهوم، لماذا لا تسمح الحكومة لعدد من جمعيات النفع العام بمراقبة الانتخابات بصورة رسمية ومنظمة؟، فحسب علمي، فأن بعض جمعيات النفع العام كجمعية تنمية الديمقراطية وجمعية الشفافية وشبكة الانتخابات في العالم العربي تقوم بجهد محمود في هذا الاتجاه، فإن حدث وسمحت الحكومة للجهات الراغبة في مراقبة الانتخابات بصورة رسمية منظمة، فإن ذلك الأمر لا جدال بأنه سينعكس ايجابيا على صدقية العملية الانتخابية، ويضيف إليها رصيدا جديدا على المستويين المحلي والخارجي، فمراقبة الانتخابات لا تأتي من زاوية التشكيك فيها، ولكن لتقويتها وتعزيزها.

أما بخصوص أجواء المرشحين، فمن الملاحظ أنه مع اقتراب موعد يوم التصويت ازدادت حالة القلق والتوتر لدى العديد منهم، والتي انعكست على الوضع المستعر لبورصة الشائعات، التي يبدو أنها ستسهم وتزيد الأمر اشتعالا في الثلاثة أيام القادمة، ولعل الأمر الذي يزيد النار حطبا، هي المحاولات التي يبذلها بعض المرشحين، ان لم يكن أغلبهم، في لقاءات ثنائية او ثلاثية أحيانا سعيا وراء «تبادل الأصوات» بينهم دون الاعلان الرسمي عن تحالفات خشية فقدان أصوات متعاطفة مع مرشحين آخرين، واللافت ان بعض المرشحين، يبدو انهم قليلو خبرة في عملية التبادل تلك، أخذوا يبرمون «الصفقات التبادلية»، تلك مع عدد من المرشحين يتجاوز عددهم الأربعة، ومن الواضح ان الكثير من تلك الصفقات لا يتسم بالجدية، خصوصا أن الكثير يستند على الأسلوب الذي ساد أيام سوق المناخ، وينتهي بكلمة «اعتمد»، ولا يعرف احد على ماذا؟ أو على من يعتمد؟.

ويبدو ان انتخابات 17 مايو هي انتخابات من النوع التاريخي الذي لن يتكرر، وبالتالي فإن اتجاهات التصويت لن تكون مقياسا حقيقيا لنبض الشارع، خصوصا انه لا توجد قضية رئيسية حاكمة للمزاح الشعبي العام، كما كانت قضية الدوائر الخمس في انتخابات 2006 على سبيل المثال. فالتجربة جديدة بكل المقاييس كما أسلفنا، والانتخابات جاءت دون سابق انذار، وبالتالي فإن النتائج ستتأثر حتما بذلك الواقع، ولربما نستطيع ان نحكم عليها بصورة أكثر دقة، عندما تتم انتخابات أخرى في 2012، مثلا على أساس الدوائر الخمس بعد ان يكون الناخبون والمرشحون قد تعودوا عليها واختبروها.

إلا ان المتوقع أن تتأثر اتجاهات التصويت بجملة عوامل وعناصر قد تحصد الأصوات لصالح هذا المرشح أو ذاك، بغض النظر عن نتائج الدراسة التي نقوم بها، والتي تؤكد أن أغلبية الناخبين يفضلون المؤهل العلمي (69%)، وأصحاب الخبرة والكفاءة (72%)، إلا أنها تبقى في منظومة المعايير العامة، فكيف سيتخذ الناخب قراره في حال وجود عدد كبير من المرشحين في دائرته من المؤهلين تأهيلا علميا عاليا؟.

وتبقى الشهرة الواسعة لدى المرشح تمثل لاعبا اساسيا في قرار التصويت، ويندرج تحت هذه الفئة العديد من المرشحين، وخصوصا النواب السابقين أو المرشحين التقليديين في انتخابات سابقة، وكذلك يضاف لهم المرشحون التقليديون في انتخابات سابقة، وكذلك يضاف لهم المرشحون ذوو الحضور الاجتماعي والاعلامي كالناشطين في مجالات مختلفة والكُتّاب الصحافيين، إذ اتضح انه في الانتخابات ذات الاتساع الجماهيري، فالناخب يتأثر كثيرا بما تلتقطه الأذن، خصوصا ان فترة الانتخابات قصيرة، وتحتاج إلى وقت أطول للتعود على أسماء جديدة.

وفي المقابل، فإن سطوة الاعلان غير المسبوقة قد اسهمت الى حد بعيد في وضع مرشحين جدد على الساحة الانتخابية بصورة جدية، واستطاع عدد من المرشحين الجدد من خلال حركة ورؤية اعلانية واعلامية ان يعرضوا الكثير، وان يفرضوا اسماءهم على الساحة الانتخابية، ويدخلوا حلبة المنافسة، بل إن أهمية هذه الحقيقية فُرِضت على مرشحين تقليديين «مضمونين الى حد كبير ان يستخدموا الاعلان ايضا، ربما لشعورهم بأهمية فن التأثير على قرارات الناخب. واحساسهم بأن اتساع الدائرة لن تكفيه وسائل التواصل التقليدية.

كذلك فإن القبيلة، وبالذات لأولئك الذين خاضوا انتخابات فرعية ستكون العنصر المؤثر في حسم التصويت، وإن كانت هناك أقاويل تدور حول احتمالات الاختراق، يضاف الى ذلك الاعتبار الهاتفي الذي سترتكز على نسبة غير قليلة من الناخبين في تحديد خيارها الانتخابي.

كذلك فإن الكتلة السياسية سيكون لها درجة من التأثير في قرارات الناخب، يضاف الى ذلك شخصية المرشح وقدراته الخطابية و«الكاريزما» خصوصا في وجود الفضائيات التي عرّفت المرشحين على الناخبين دون ان يلتقوا.

وإذ انه من المهم توضيح أن جملة العوامل المذكورة أعلاه تتداخل وتتفاعل مع بعضها البعض، وتتباين قوتها من دائرة الى دائرة أخرى، إلا أنه تبقى كلمتا السر المؤثرتان في التصويت وهما «معادلة الأربعة أصوات» وصوت النساء، فهما ما سيحسم الانتخابات وللحديث بقية.