لا يمكن بحث قضية المشاركة الشعبية ودور الناخب في العملية السياسية أو الدور الذي من المفروض أن تلعبه الدولة في المجتمع من دون التوقف عند طبيعة الاقتصاد الريعي وما يترتب عليه من تبعات ونتائج مثل نوعية القيم والعلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تنشـأ في المجتمع الريعي.
يعتبر الاقتصاد الكويتي اقتصادا ريعيا يعتمد بشكل أساسي على النفط كمصدر وحيد للدخل، وهناك، تبعا لذلك، علاقة طردية بين حجم الإيرادات النفطية ودخلنا القومي، لهذا فإن أي تذبذب في إنتاج النفط وأسعاره سوف يترتب عليه بالضرورة تذبذبا في حجم الدخل القومي وتأرجحا بالتالي في مقدار الإنفاق الحكومي الذي يعتبر هو المحرك الأساسي لعجلة الاقتصاد، فحتى القطاع الخاص لدينا يعتمد على ما تنفقه الحكومة، لهذا نرى تزايد المطالبات هذه الأيام من قبل ممثلي القطاع الخاص التي تدعو إلى زيادة الإنفاق الحكومي حتى يتمكن القطاع الخاص من تجاوز الأزمة المالية الحالية لأنه من دون المشاريع الحكومية الضخمة والدعم السخي الذي تقدمه الحكومة فإن القطاع الخاص ككل لن يستطيع أن ينمو، بل إن جزءاً مؤثراً منه سوف ينهار. من ناحية أخرى فإنه لا يمكن بحث قضية المشاركة الشعبية ودور الناخب في العملية السياسية أو الدور الذي من المفروض أن تلعبه الدولة في المجتمع من دون التوقف عند طبيعة الاقتصاد الريعي وما يترتب عليه من تبعات ونتائج مثل نوعية القيم والعلاقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تنشـأ في المجتمع الريعي. وغني عن القول إنه من دون النفط لن نستطيع الوصول إلى مستويات عالية من عملية التنمية المستدامة، ومن دون النفط والإنفاق الحكومي لن ينمو القطاع الخاص ولن يتطور، ولنا أن نتصور وضع ومستوى جودة الخدمات العامة كالتعليم والصحة والإسكان، رغم رداءتها حاليا، من دون وجود النفط، أو مستوى البني التحتية من دون وجود الإيرادات النفطية... صحيح أننا لم نستفد كثيراً، بسبب سوء الإدارة الحكومية، من الفوائض المالية الضخمة التي توافرت لنا خلال العقدين الأخيرين في تطوير البنى التحتية أو في تحسين مستوى الخدمات العامة، ولكن من المؤكد أنه لولا الإيرادات النفطية لما استطاعت الدولة حتى دفع رواتب العاملين لديها الذين يشكلون أكثر من %90 من حجم قوة العمل!! لهذا فإن موضوع النفط وكل ما يحيط به من متغيرات، مثل تذبذب أسعاره أو احتمال نضوبه أو حجم إنتاجه واحتياطاته المتوافره التي تتردد الحكومة حتى الآن في الإفصاح عن حجمها الحقيقي بعد تضارب البيانات والمعلومات حولها، فضلا عن كيفية توزيع عوائده أو إيجاد مصادر أخرى للدخل، وأيضا بحث دول العالم الصناعي عن بدائل أخرى للطاقة مثل البحوث التي تجري حاليا على الطاقة الشمسية وغيرها، من المفروض أن تكون، كل هذه القضايا، موضع اهتمام جاد من قبل الجميع، ومحل نقاش عام شفاف تستخدم فيه المعلومات والبيانات الصحيحة المبنية على الإحصاءات والأرقام الدقيقة حتى يكون المواطنون على دراية واطلاع على كل ما يتعلق بالمصدر الوحيد لدخلهم القومي الذي سيتحدد بناء عليه أيضا مستقبل أجيالنا القادمة، فحاضر ومستقبل النفط كمصدر وحيد للدخل يعتبر قضية مصيرية بالنسبة لنا يترتب عليها تحديد الكثير من القضايا الأخرى في مجتمعنا.لكن الملاحظ أن الاهتمام بموضوع النفط ليس بالمستوى المطلوب، فلا يوجد لدينا كلية جامعية متخصصه في الدراسات والبحوث النفطية، وليس هناك في مجلس الأمة لجنة خاصة بشؤون النفط، وتكاد تخلو برامج المرشحين، إن وجدت برامج انتخابية جادة، من الإشارة لموضوع النفط، كما أن هناك غيابا شبه تام للبيانات والإحصاءات والمعلومات الدقيقة المتوافره حول مستقبل النفط.والآن ونحن نعيش أجواء الفرح الديمقراطي، فإننا نأمل أن يجد موضوع مستقبل النفط، مصدر دخلنا الوحيد، المكان الذي يستحقه في البرامج الانتخابية للمرشحين. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
مستقبل النفط... قضية مصيرية
01-04-2009