اهلاً بالفرح
قد لا يكون التغيير في الخارطة السياسية بالاتجاه الذي نرغب به تماماً، ولكنه قريب جداً. ومجرد كونه واقعاً ملموسا فإنه يشكل دافعاً للمزيد من العمل. فهذا التغيير نتاج قرار الناس الواضح باستعادة السيطرة على حياتهم.
في فجر الأحد 17 مايو 2009 احتفلت مع آلاف الكويتيين بنجاح الدكتورة أسيل العوضي والكثير من الأخبار السعيدة التي وصلت من أغلب دوائر الكويت الانتخابية، سواء بوصول المرأة إلى البرلمان أو نجاح ممثلي التيار المدني (وان لم يرتقِ لليبرالي) أو بسقوط رموز التخلف والإسلام السياسي والفرعيات أو على الأقل تدني شعبيتهم. وعلق أحد الأصدقاء بأنه لم يسبق لي أن كنت بهذه السعادة! وبعد تفكير... أهالني مدى صحة تلك الملاحظة. فآخر مرة شعرت بها بهذه الدرجة من الفرح كانت في عام 1992 بفوز د. احمد الخطيب الكاسح في انتخابات المجلس بعد الهجوم المنظم عليه من الحكومة والجماعات الإسلامية. ومن بعدها ولأسباب كثيرة استسلمت والكثيرون من أبناء هذا الوطن للكآبة التي فرضها علينا تخبط الحكومات المتتالية، والتزام التيارات الإسلامية ببرامجها المنظمة لتكبيل الحريات وإغلاق عقول الناس وقلوبهم. حتى تحولنا إلى مكائن تعمل وتأكل وتتناسل دون دافع أو أمل أو حتى ابتسامة. مما أفسح المجال لمزيد من التدمير والتدهور.ولكن للحياة سنن وقوانين... والتغيير من أهمها. وللبشر متطلبات واحتياجات... والسعادة أقواها. والضغط يولد الانفجار وهذا ما حدث تماماً في هذه الانتخاب. الكل- بحسب قدراته وإمكاناته- عبَّر عن استيائه لما آلت إليه الأمور، والكل قرر أن يأخذ بيده زمامها. وتراوح ذلك بين اختيار أفضل السيئين نتاج الفرعيات والتصفيات المذهبية إلى اختيار مَن يمكنهم تغيير الأمور فعلياً. وأصبح التغيير واقعاً.قد لا يكون التغيير في الخارطة السياسية بالاتجاه الذي نرغب به تماماً، ولكنه قريب جداً. ومجرد كونه واقعاً ملموسا فإنه يشكل دافعاً للمزيد من العمل. فهذا التغيير نتاج قرار الناس الواضح باستعادة السيطرة على حياتهم. فخلال العام الماضي شهدت الساحة تحركاً واضحاً على صعيد العمل المدني والسياسي. وظهر الكثير من المجموعات المهنية (كالمجموعات الطبية والبيئية والفنية)، والتثقيفية الضاغطة (حقوق الإنسان، والدستور، والنقابات)، والسياسية كالأحزاب الجديدة والتكتلات المتعددة. منها على سبيل المثال لا الحصر «كويت للحياة» ، و»كويت الخضراء»، و»نادي ديوان للقراءة»، و»مبدعون كويتيون»، وحملة «إبداعاتي»، و»مجموعة زوايا» التي أبدعت حملة أقسم ، و»صوت الكويت»، و»كويت الدستور»، و»رابطة الشباب الديمقراطي» و»التجمع الشعبي الديمقراطي» وغيرها الكثير. منها بدأ التغيير وسيستمر حتى تعود الكويت «وطن من جديد»!