إيران واستراحة المحارب النووي!
إيران تبحث عن تسوية مشرفة ومرضية للطرفين، لكنها حازمة جازمة أيضاً، في ضوء أن اللجوء إلى الخيار العسكري من الجانب الآخر سيكون بمنزلة «سقوط السقف» على الجميع! والتسوية لدى إيران لا تعني بأي شكل من الأشكال، ولا من قريب أو بعيد، شيئاً يشبه السيناريو الليبي أو السيناريو الكوري، بل هو أشبه بـ«استراحة المحارب».
كل الأنباء التي تتردد هنا في الأروقة الخلفية في العاصمة طهران، تفيد بأن الخيار العسكري أو خيار المواجهة بين واشنطن، أو تل أبيب، وبين طهران إذا ما كان جدياً أصلاً، قد تراجع أمام خيار المفاوضات.وتفيد المصادر المطلعة والمتابعة للشأن الإيراني هنا، بأن ثمة مفاوضات تجري تحت الطاولة بين طهران وبعض العواصم الأوروبية، لاسيما مع المفاوض الأوروبي خافيير سولانا، تتجه نحو التوافق على تقديم تنازلات متبادلة تجعل الخيار العسكري مستبعداً في الوقت الراهن.في هذه الاثناء، يستعد المفاوض الإيراني في الملف النووي السيد سعيد جليلي بعد أن تسلح بموقعه الجديد ممثلاً لمرشد الثورة الإيرانية في مجلس الأمن القومي الإيراني الأعلى خلفاً للسيد علي لاريجاني، إلى الدخول في مفاوضات جدية ومن العيار الثقيل مع مجموعة الـ(5+1) قد تؤدي إلى أشبه ما يمكن تسميته بـ«استراحة المحارب»، أو ما يتكهن بعضهم بأن يكون وقفاً مؤقتاً لتخصيب اليورانيوم لمدة لا تتجاوز شهورا عدة، وثمة مَن يحددها حتى نهاية عهد بوش، على شرط إبقاء جانب التخصيب على مستوى البحث العلمي من دون الإنتاج الصناعي بالطبع!هذا التوجه الجديد، أو المستجد، قد يكون الفرصة الأخيرة التي يقال إن بعض الأوروبيين قد عرضها على المفاوض الإيراني، لمنع انفجار الأوضاع في المنطقة، على اعتبار أن الأشهر المقبلة هي أشبه ما تكون بالوقت الضائع لدى الأميركي المنشغل بسباقه الانتخابي، في حين هو قد يكون فرصة ذهبية لدى طرف متهور ويبحث عن دور ما مثل إسرائيل يمكن أن يستغله من أجل تغيير قواعد اللعبة، في محاولة لإخراج نفسه من «الزنقة» التي يعيشها بفعل انشغال العالم بتغير مواقع القوى والأدوار الدولية والإقليمية، بعيداً عن تأثيره المباشر لأول مرة ربما منذ الحرب العالمية الثانية! هذه النصيحة الأوروبية للإيرانيين يدرسها المفاوض الإيراني بكل جدية هذه الأيام، ولكن خلف أبواب مغلقة تماماً. غير أنه في سياق حرب إعلامية ونفسية ودعائية، لا تنفك طهران تهدد وتتوعد وتحذر إسرائيل بالذات، والأميركي والغربي بشكل عام، من مغبة أي عدوان عليها، معتبرة ذلك لو حصل بأنه سيكون مقدمة لحرب واسعة النطاق وطويلة الأمد وقاسية جداً لن تكون فيها إيران الخاسر الوحيد، بل كل مَن يتمكن من وقفها ولا يتحرك باتجاه منعها أو يظن أنه سيبقى بمنأى عنها، كما ورد على لسان أكثر من مسؤول عسكري وسياسي إيراني!إيران إذن تبحث عن تسوية مشرفة ومرضية للطرفين، لكنها حازمة جازمة أيضاً، بأن اللجوء إلى الخيار العسكري من الجانب الآخر سيكون بمنزلة «سقوط السقف» على الجميع!والتسوية لدى إيران لا تعني بأي شكل من الأشكال، ولا من قريب أو بعيد شيئاً يشبه السيناريو الليبي أو السيناريو الكوري، ولسان حالها يقول إنني لست ضعيفة كليبيا حتى أفكك برنامجي تحت ضغط التطورات والتحولات المفاجئة، كما لم أكن «متهورة» ككوريا حتى يتم التعامل معي وكأنني أملك خيارات نووية عسكرية!وحده الاعتراف بدور إيراني مستقل جاء بفعل جهد ذاتي طويل الأمد ويستحق التأمل والتقدير والتعامل معه على أساس تكافؤ الفرص، هو نافذة الخلاص للجميع مما بات يوصف بالكابوس الذي يدق أبواب الجميع، ويقلق كل ذي عقل حصيف ووجدان نظيف!* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني