أي ذل أكثر من أن تصرح وزيرة الخارجية الإسرائيلية في قلب القاهرة بأنها سوف تستبيح غزة، ولا يرد عليها أحد، بل على العكس من ذلك يشدد النظام المصري الحصار المفروض على أهل غزة ويساعد في خنقهم بإقفال معبر رفح؟ أي عار وهوان يمكن أن نشعر بهما ونحن لا نقدر أن نقدم لهم ما يعينهم في محنتهم؟

Ad

يذكر ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة أنه في عهد الإمام علي بن أبي طالب أغار سفيان بن عوف الغامدي على منطقة الأنبار في العراق. في تلك الغارة ارتكب جيش سفيان بن عوف الفظائع من قتل وسلب ونهب وانتهاك للأعراض، ولم يكتفِ في تنكيله بالمسلمين من أهل العراق، بل تعدى فيما ارتكب من جرائم على أهل الذمة الذين كانوا يقيمون بتلك المنطقة.

ولما بلغ الإمام علي الخبر خطب خطبة مؤثرة تقطر ألماً وحزناً على ما آلت إليه أمور المسلمين، ومما قال في تلك الخطبة «ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع منها خلخالها من ساقها ورعثها من أذنها فلا تمتنع منه إلا بالاسترحام، ثم انصرفوا وافرين لم ينل أحدهم كلما (جرح)، فلو أن امرأ مسلماً مات بعد ذلك أسفاً ما كان عندي ملموماً، بل كان عندي به جديراً».

من يتابع ما تنقله القنوات الفضائية من مشاهد المجازر التي تجري في غزة من استباحة لدماء الأبرياء، وتقتيل للأطفال والنساء، وحصار وجوع وحرمان من الغذاء والماء والدواء من قبل الوحش الصهيوني، بمباركة وتواطؤ من غالبية الأنظمة العربية، من يتابع كل هذا ويملك ولو ذرة من كرامة لا يمكن إلا أن يشعر بالذل والخزي والعار، وكما قال الإمام علي: «لو أن امرأ مسلماً مات بعد ذلك أسفاً ما كان عندي ملوماً».

أي ذل أكثر من أن تصرح وزيرة الخارجية الإسرائيلية في قلب القاهرة بأنها سوف تستبيح غزة، ولا يرد عليها أحد، بل على العكس من ذلك يشدد النظام المصري الحصار المفروض على أهل غزة ويساعد في خنقهم بإقفال معبر رفح؟ أي عار وهوان يمكن أن نشعر بهما ونحن نسمع المرأة الفلسطينية الجريحة تستصرخنا، والطفل الفلسطيني الجائع يستعطفنا لننصرهما فلا نقدر أن نقدم لهما ما يعينهما في محنتهما؟

إذا كان هناك من لايزال يراهن على قمة عربية هنا، أو اجتماع لمجلس الأمن هناك، أو لايزال يعوِّل على تحرك «المجتمع الدولي» حتى يتحفنا هذا «المجتمع» ببيان استنكار فإننا نقول لهؤلاء إنكم واهمون، فذلك كله لن يعيد حقاً ولن يردع عدواناً ولن يخيف عدواً.

وإذا كان الله أعمى أبصار الأنظمة العربية وقذف في قلوب قادتها الرعب، فإن من واجب الشعوب العربية أن تنتصر لأهل غزة بكل ما تستطيع، حتى بأن تخرج إلى الشوارع وتعلن تضامنها مع شعب غزة، فهذا أقل القليل، فمن لم يهتم بأمور المسلمين فليس بمسلم.

أما أهل غزة فنقول لهم بوركت تضحياتكم ورحم الله شهداءكم، اتكلوا على الله، وراهنوا على سواعدكم، وليكن نموذج «حزب الله» في حرب يوليو 2006 نصب أعينكم، فهذا النموذج هو الوحيد الذي يستطيع أن يحقق لكم النصر والصمود في وجه الوحش الصهيوني، فهذا الوحش لا يفهم إلا لغة القوة، فهو على الرغم مما يظهره من قوة وجبروت، فإنه أضعف من بيت العنكبوت، والله حافظكم وناصركم.