إدارة الجامعة والأمانة العلمية!
الأمانة العلمية تعتبر من المبادئ المقدسة في المؤسسات الأكاديمية والجامعات والمعاهد التعليمية العليا تحديداً، تستمد منها هيبة نقل المعرفة للأجيال المتعلمة، ودرجة الجد والقدرة على الابتكار في البحث العلمي والإضافة المعرفية الأصيلة، ولذلك كانت السرقات العلمية وادعاء جهود الآخرين جريمة في النظم الأكاديمية يعاقب عليها بأقسى العقوبات.وقد ذهلت من المؤتمر الصحفي لمدير جامعة الكويت بكل أبعاده وتدخله حتى في استجواب رئيس الوزراء واعتبار جمعية أعضاء هيئة التدريس حفنة من المشاغبين مستنكراً لقاءهم برؤساء السلطتين إلى آخر تفاصيل هذا المؤتمر الصحفي.
ولكن ما يدعو إلى كشف الحقيقة على خلفية هذا المؤتمر الصحفي هو البعد الخاص بالأمانة العلمية التي يعرفها الأكاديميون جيداً، فقد زعم المدير أنه تقدم بمشروع قانون وعرضه على أعضاء هيئة التدريس لإبداء ملاحظاتهم، واعتبره حافلاً بمزايا مالية ومعنوية غير محدودة لأساتذة الجامعة! ولما كانت الأمانة العلمية تقتضي نقل الحقيقة من مصادرها الأصلية احتراماً لجهود من سبقنا في استخلاصها يجب التنويه بأن مشروع قانون الجامعة المزعوم هو عصارة جهد تراكمي عرضتها بالتفصيل في مقال سابق وكان ثمرة مساهمات جمعية أعضاء هيئة التدريس في الجامعة وعدد كبير من النواب على مدى ثلاثين سنة متواصلة وآخرها التعاون الكبير بين اللجنة التعليمية بمجلس الأمة وإدارة الجامعة في عهد الدكتور نادر الجلال في الفصل التشريعي التاسع، الذي تم تبنيه من جديد من قبل عدد من النواب في الفصل التشريعي السابق والفصل الحالي. ولكن ما قام به المدير هو نسخ الاقتراح بقانون الذي قدمته له شخصياً في مكتبه بعد توليه المنصب مباشرة (والذي اعتبره من أسوأ القوانين في مؤتمره الصحفي!) ونسبه إلى نفسه من دون الإشارة إلى مرجعيته وكل ما عمله هو إدخال تعديلات على بعض مواده مثل المواد 7، و15، و18، و21، و23، و27، و36 لضمان مركزية القرار بيد رئيس الجامعة وتحجيم دور الأقسام العلمية وجمعية أعضاء هيئة التدريس، وسوف نقوم بنشر جدول مقارن بالمقترحين في جميع الصحف قريباً تبياناً للحق.ففي المادة 7، حذف رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس من عضوية مجلس الجامعة وزاد عدد الأعضاء المعينين بواسطته مباشرة، وهم نواب الرئيس والأعضاء الخارجيين لضمان الأغلبية تحت تصرفه، كما حذف اعتماد الترقيات الأكاديمية من قبل المجلس واستبداله بالموافقة عليها ليكون ذلك سيفاً مصلتا على الأساتذة المشاغبين. وفي المادة 15، تم تحويل مجالس الكليات إلى الشاكلة نفسها لإسكات أي أصوات معارضة حتى من المستويات الأدنى في المؤسسة الجامعية من خلال ضم نواب العميد ومنحهم حق التصويت.وفي المادتين 18 و23 تم حذف مبادئ تكافؤ الفرص، والأقدمية العلمية، وقبول أعضاء هيئة التدريس في اختيار العمداء ورؤساء الأقسام!! وفي المادة 21، أطلقت التفويضات للجان المعينة دون تحديد مددها أو المواضيع المكلفة بها لتحل محل العمل المؤسسي، وتم حذف المادة 28 من المقترح الأصلي والتي تقضي بعودة أعضاء مجلس الأمة من الأكاديميين للعودة إلى التدريس، وبالتأكيد المقصود بذلك النواب المشاغبون أيضاً ناسياً أن هذا الحق قد كفله قانون آخر! وفي المادة 36، تم حذف الحق المكتسب لتشكيل نقابة للأساتذة وأخرى للموظفين وجعلها جوازية لدى مجلس الجامعة الذي يهيمن عليه الرئيس بعد التعديلات السالفة الذكر!وهذه التعديلات القليلة وغيرها هي لب العدالة وتكافؤ الفرص وصون الحريات التي تحاول إدارة الجامعة وأدها تكريساً لما تقوم به من ممارسات احتج أمين عام الجامعة على ذكرها في المقال السابق، وهنا نسأل السيد الأمين ما تفسيرك لتحويل أي أستاذ جامعي للنيابة بسبب مقال صحفي؟ وما تبريرك لتصريحات مديرك بعدم شرعية جمعية أعضاء هيئة التدريس؟ وما تحليلك لتعطيل ترقيات أعضاء هيئة التدريس ممن أنصفتهم لجنة التظلمات التي تعتبر قراراتها نافذة فوراً؟ وما هو شعورك لو تم اختيار غيرك للمنصب الذي أنت فيه الآن وأنت من تم ترشيحك من قبل لجنة الاختيار؟ ولماذا لا تقترح على السيد المدير وأنت أحد مستشاريه أن يقوم باستفتاء أساتذة الجامعة على أدائه بعد سنتين كما يفعل مع بعض العمداء ليعرف الجميع حجم حفنة المشاغبين؟ وما رأيك في مبدأ الأمانة العلمية واحترامه في الحرم الجامعي؟