هوشات الأفنيوز... ومذكرات الخطيب!

نشر في 07-10-2008
آخر تحديث 07-10-2008 | 00:00
 حمد نايف العنزي لم تفاجئني «هوشات» الأفنيوز الشبابية، فهي نتاج طبيعي لانحدار المستوى الأخلاقي بشكل عام لجيل من الشباب أشرف في البدء على تربيته خادمات آسيويات، ثم استمد قيمه ومبادئه من مشاهدة إعلام هابط يمجد العنف كوسيلة لحل الخلافات الأسرية، ثم كبر وترعرع ليري كل من حوله يدوس القانون ويعتدي على الناس، ليأتي بعدها نائب القبيلة أو العائلة «أطال الله في عمره وجعله ذخرا» ليخرجه من المشكلة «زي الشعرة من العجينه»!

جيل تعود على كبت مشاعره وآرائه ومعتقداته حتى تشرَّب النفاق الاجتماعي، واعتاد العيش بشخصيتين متناقضتين، شخصيته الحقيقية وتلك التي يريده المجتمع أن يكون عليها!

جيل «عاداتنا» و«ظواهرنا» و«مجتمعنا المحافظ بطبيعته»، الذي كلما ازدادت لجانه وجمعياته وحملات تعزيز أخلاقه، ازداد انحداره الأخلاقي، في تناقض صارخ غريب وعجيب!

لاحظوا كيف يقودون سياراتهم في الطرقات بكل عدوانية واستهتار بأرواح البشر، وأمعنوا في الغرور الذي يكسو ملامحهم كأن أحدهم سلطان زمانه، رغم تفاهته وسذاجته وضحالة تفكيره، فلا عجب إذن أن تكثر تحرشاتهم الجنسية، وتنتشر معاركهم من طراز «شفيك تخز»، فما هم سوى انعكاس لأخلاقنا، ونتيجة طبيعية لإهمال وتقصير الأسرة والمجتمع والدولة في رعايتهم وتهذيبهم واستثمار طاقاتهم بالشكل الأمثل، وإن لم تتغير الأوضاع وتتبدل، فالقادم حتما أسوأ!

***

حسنا فعل الدكتور أحمد الخطيب حين كتب مذكراته السياسية التي نشرتها جريدة «الجريدة» الشهر الماضي، فقد كانت الفائدة عظيمة لكل من قرأها، وعلى الأخص الشبان والشابات ممن لم يعايشوا الأحداث الواردة فيها، وهم من قال الدكتور الخطيب إنه كتبها خصوصا لهم، وسواء اختلفت مع الدكتور في آرائه ومواقفه أم اتفقت معه، فإنه سيبقى دائما رمزا من رموز العمل الوطني، وعملاقا من عمالقة التاريخ البرلماني في الكويت، لا ينكره أو يجحد دوره الكبير، كل من يملك ذرة من الحيادية والإنصاف.

لن أطيل الحديث عن المذكرات، ولن أخوض في تفاصيلها أو أدافع عما ورد فيها، لأن ما يعنيني هنا، هو أن مجرد كتابتة لهذه المذكرات خطوة مباركة أتمنى أن يتبعه فيها بقية الرموز السياسية الوطنية، لتتسع الفائدة وتزداد المعرفة بتاريخنا السياسي الحديث الذي يجهله نسبة كبيرة من شبابنا اليوم، والذين أجد لهم العذر لقلة مصادر المعلومات في هذا الجانب، فنحن شعب لا يعتز كبار رجالاته مع الأسف الشديد بتجاربهم الشخصية، ولا يدركون أهمية تدوينها لتستفيد منها الأجيال القادمة.

والأمر لا يقتصرعلى التجارب السياسية فقط، بل في المجالات الأخرى كلها، أيضاً. فمن النادر أن يقوم وزير أو نائب أو مسؤول أو رجل أعمال بكتابة مذكراته، مع أنه من الأمور المهمة التي تطور أداء من يخلفهم في المناصب، ليتعلم من أخطائهم وعثراتهم ويستفيد من خبراتهم ويبدأ من حيث انتهوا، فمشكلتنا الأزلية في الكويت هي تكرار الأخطاء مرة بعد مرة من قبل من يتولون الوزارات والإدارات الحكومية.

في الدول المتحضرة والمتقدمة، تجد الجميع يدون مذكراته وتجاربه لينشرها بعد ذلك؛ السياسيون، والفنانون، والرياضيون، وأساتذة الجامعة، ونظار المدارس، ومديرو الشركات، بل لا تستغرب إن وجدت مدبرة المنزل أو سائق التاكسي أو عامل المصنع يفعلون ذلك، لأن لكل حياة أو تجربة إنسانية فائدتها الكبيرة، وكلما ازدادت كتابة المذكرات في مجتمع ما، تراكمت الخبرات التي تساهم في نمو هذا المجتمع على الصعد كافة وفي المجالات المختلفة.

أتمنى أن تسود هذه الثقافة بيننا، وأن يأتي اليوم الذي ندخل فيه إلى أي مكتبة فنجد الأرفف وقد امتلأت بمذكرات السياسيين، والفنانين، والرياضيين، والاقتصاديين، والأدباء، والصحافيين، والإداريين، وكل من أفنى عمره في خدمة هذا الوطن الجميل.

back to top