إن التكلفة لإعادة الثقة والبناء أصبحت أغلى بكثير من السابق، فلم يعد الحديث مقتصرا على المحفظة المليارية التي ثار حولها لغط كثير، بل بتنا بحاجة الآن إلى مليارات أخرى لإنقاذ الشركات المتعثرة غير القادرة على سداد التزاماتها.

Ad

في بداية الأزمة التي شهدها سوق الأوراق المالية، طالبنا مثلما طالب كثيرون بسرعة التدخل الحكومي لمعالجتها حفاظا على واجهة الاقتصاد الكويتي ولبث الثقة في السوق حتى لا يصيبنا ما أصاب بقية الأسواق العالمية. الآن وبعد أربعة أشهر تقريبا من بداية الأزمة أصبح وضعنا أسوأ من أوضاع السوق الأميركي الذي كان شرارة الأزمة المالية العالمية.

فالسوق الأميركي الذي يعاني إفلاس بنوك عالمية كبرى وخسائر كبيرة في سوق العمل لم يفقد أكثر من 40% من قيمته بينما السوق الكويتي الذي لم يشهد سوى مشكلة مع بنك واحد فقط من بين جميع بنوكه فقد أكثر من 50% من قيمته. وسبب ذلك بالطبع هو سوء التصرف الحكومي وردة الفعل اللامبالية إضافة إلى تصريحات وزرائها المدمرة. والآن حصل ما حذر منه كثيرون من أن التكلفة لإعادة الثقة والبناء أصبحت أغلى بكثير من السابق. فلم يعد الحديث مقتصرا على المحفظة المليارية التي ثار حولها لغط كثير، بل بتنا بحاجة الآن إلى مليارات أخرى لإنقاذ الشركات المتعثرة غير القادرة على سداد التزاماتها. وكثير من هذه الشركات وصل إلى هذا الوضع بسبب تدهور قيمة أسهمه السوقية لأنه اقترض في مقابل رهن أسهم، كما أن بطء التصرف الحكومي وتخبطه حيال معالجة أوضاع السوق كانا سببا لاستمرار التراجع في مؤشره إلى مستويات لم يكن أشد المتشائمين يتوقعها.

في بداية الأزمة شكلت الحكومة لجنة لمعالجة الأوضاع وبعد شهر كامل من التصريحات والاجتماعات الجوفاء ألغيت اللجنة وشكلت لجنة أخرى برئاسة محافظ البنك المركزي، وإلى الآن لم تعالج الأمور في حين سارعت الحكومات الأخرى في حسم أمورها بسرعة حتى تخرج بأقل الأضرار.

فالحكومة الأميركية مثلا ضخت المليارات في الأسواق إضافة إلى إقرار أكثر من 700 مليار دولار لمعالجة أزمة البنوك والشركات المتعثرة، والحكومة السويدية قامت بشراء الأصول المتعثرة بعينها (toxic assets). أما في الكويت، فكل ما جنيناه هو تصريحات لا مسؤولة من وزيري المالية والتجارة سببت المزيد من الخسائر، خصوصا لصغار المتداولين الذين كانوا الضحية الأكبر لهذه التصريحات.

والمصيبة أن من يتحمل مسؤولية هذه الأوضاع مازالوا كلهم في مواقعهم. فوزيرا المالية والتجارة عادا إلى مواقعهما في الحكومة القرقيعانية الجديدة... وكأن شيئاً لم يكن. والبنك المركزي الذي كان يصدق على جميع الميزانيات للشركات الورقية طيلة السنوات الماضية بقي على حاله دون أي تغيير أو محاسبة. فمن الطبيعي في ظل هذه الأوضاع المزرية أن تستمر الأزمة لمدة غير قصيرة وكل قرقيعان وأنتم بخير.

******

سبق لي أن كتبت مقالاً في 14/10/2008 عن أخطاء حصلت في نتائج الانتخابات، وكان القصد منه وضع اللوم على الشركة التي ساهمت في الفوضى والأخطاء الجسيمة التي صاحبت فرز وتجميع الأصوات سواء بقصد أو من دون قصد. لكن يبدو أنه فُسِّر على أنني أقصد القضاة في ذلك المقال، وهذا خلاف الواقع حيث إنني أُكن كل تقدير واحترام للقضاة وللجهاز القضائي الشامخ الذي بات الحصن الحصين لكل مظلوم في بلدنا.

كما أنني أعتز بانتمائي لجريدة تدافع دوما عن القضاء وتنشر كل أمر متعلق باحتياجاته، وكان آخرها ما تم نشره في اليومين الماضيين من إهمال السلطتين التشريعية والتنفيذية للجهاز القضائي واحتياجاته. وإذا ما فُهم قصدي من قبل المعنيين في القضاء بأن المقال كان يقصدهم ويسيء إليهم، فإني أقدم اعتذاري واحترامي مجددا للقضاة والجهاز القضائي ككل.