أصبحت أزمة القروض واقعا ملموسا، خصوصا بعد دخول مصطلح «أزمة الائتمان» و«الشح في السيولة» القاموس الاقتصادي... وسادت كلمة «عدوى الأزمات» الخطاب الإعلامي العالمي، وذلك بعد إصابة اقتصادات الدول التي تشهد معدلات نمو مرتفعة، بعدوى الأزمة الاقتصادية الحالية.

Ad

ومن هذا المنطلق سأتتبع الأزمة منذ مراحلها الأولى في هذا العام، فمنذ مطلع 2008، وأسواق المال تشهد ارتفاعا في أسعار فوائد المصارف، وكان لذلك تأثير مباشر على الكثيرين من المقترضين، ثم جاء سلوك المصارف بدافع الخوف من الإفلاس، والذي اقتضى بإقرار المصارف ببوادر أزمة الديون المعدومة، فقدرت وقتها بمئات الملايين، وأصبح بعدها موضوع القروض أو الائتمان هاجسا في تقارير الأسواق العالمية.

وفي منتصف هذا العام، تصدرت الأزمة جدول أعمال اجتماع الدول الصناعية السبع الكبرى، فأعلنت أن أزمة الائتمان المصرفي بالعالم سببها أزمة تراكم قروض الرهن العقاري في الولايات المتحدة وما نجم عنها من ديون معدومة، وأنها قد تكلف الأسواق المالية 400 مليار دولار.

وفي فصل الربيع من هذا العام... ضخت الولايات المتحدة سيولة للبنوك قدرها 200 مليار دولار، وبدأت مرحلة بيع بعض البنوك المتعثرة لبنوك مرموقة، متزامنة مع تحذيرات صندوق النقد الدولي من مخاطر تسرب أزمة الائتمان إلى قطاعات اقتصادية أخرى. وكانت العدوى قد انتقلت من الولايات المتحدة إلى أوروبا، وأصابت «رويال بنك أوف سكوتلاند» البريطاني، مصطحبة معها ملفات اقتصادية شائكة كارتفاع أسعار الوقود وأزمة الغذاء، ومتسببة في ارتفاع معدلات التضخم البريطاني. ولم يخل سوق القروض العقارية من عمليات النصب والاحتيال، اتضحت بعد اعتقال 406 أشخاص في الولايات المتحدة متسببين في نشر عمليات الفساد.

وفي موسم الصيف ازداد عمق الأزمة وانتقلت العدوى لتصيب مؤسستين للتمويل العقاري وهما «فاني ماي» و«فريدي ماك»، فتدخلت الحكومة لإنقاذهما... وعادت لغة «التأميم» إلى التحليلات الاقتصادية بعد غياب طويل، وأصبح تدخل الحكومات سيد الموقف. وقبل أيام قليلة أعلن أحد البنوك البالغ من العمر 150 عاما إفلاسه، فاعتبرها كثيرون أسوأ أيام الأزمة حتى الآن.

ومن السوق العالمية إلى السوق الخليجية، فالكويت باعتقادي تفوقت على الدول الخليجية في قدرتها على استعادة الثقة بأسواقها، مستعيدة بعض الخسائر بعد ضخ هيئة الاستثمار أموالا في السوق. واستعاد المستثمر الكويتي ثقته في الشركات القيادية في زمن قياسي مقارنة بالخليج، وسارع إلى اقتناص فرص جديدة في السوق بعد الانخفاض الكبير، وخصوصا بعد انتشار أنباء قيام بعض الشركات بشراء أسهمها... وهنا أدعو كتاب التقارير الاقتصادية إلى الانتباه إلى دراسة السلوك الاقتصادي للمستثمر الكويتي.

أما دبي، فقد تأثر يها القطاع المالي بقوة، على الرغم من نفي الصحف الخليجية لذلك، حيث أكدت صحيفة «فاينانشيال تايمز» في تقرير لها، أنها، أي دبي، الضحية الأولى خليجيا، وذلك لأنها الأولى في استقطاب رؤوس الأموال الأجنبية، ولها تأثير مباشر على بقية أسواق المنطقة، فكما جاء تقرير صحيفة «الشرق الأوسط» تحت عنوان: «إذا عطست أميركا»، فنقول هنا في الخليج «إذا عطست دبي... عطس الشرق كله». وكما تدخل الوليد بن طلال لشراء بعض الشركات قبل أعوام عدة لإنقاذها من الإفلاس، تتجه الأنظار اليوم إلى منقذ من جمهورية الصين الشعبية... أي النسخة الصينية «للوليد». وأخيرا فالأزمات كالزلزال، بحاجة إلى خطط إضافية ولاحقة لاحتواء «توابع الهزات القادمة».

كلمة أخيرة... الآن وبعد ظهور نتائج الطعون... أظهرت أخطاء تقدر بـ25% من أصوات المقترعين... المسألة ليست فوزا وخسارة إنما فقدان الثقة في الفرز الإلكتروني للأصوات وقدرة الإدارة على التعامل معه.

وباقة ورد لتلفزيون الكويت... الذي استطاع استعادة مشاهديه عبر اختياره الجيد لبرامج رمضان هذا العام.