إن الأسلم لنا في هذه المرحلة هو إخراج المشاريع الكبرى في البلد ووضعها على طاولة التنفيذ بالسرعة الممكنة، وتلزيمها للشركات الوطنية عبر تحالفات بينها أو تقسيمها بين هذه الشركات لضخ السيولة لها.

Ad

لا يمكن لأي دولة في العالم أن تسمح بأن ينهار قطاعاها التجاري والاقتصادي، وتتجاهل مشكلة اقتصادية كبيرة كالتي يشهدها السوق الكويتي حالياً من دون أن تتدخل، وتستخدم كل الوسائل المتاحة لها لإنقاذ الوضع وحماية النظام الاقتصادي الوطني، وهو ما نشهده في جميع أنحاء العالم منذ تفجر الأزمة الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر الماضي، في ما عدا حالة واحدة حدثت في أيسلندا التي أعلنت الدولة فيها إفلاسها الرسمي.

وبسبب ما تعانيه حكومة الكويت وإدارة الدولة عبر مؤسساتها الدستورية من مشكلات وتناحر، فإن الحلول فيها كانت سطحية، ولم تأخذ الأزمة على محمل الجد، فشهد السوق في الأشهر الأربعة ما شهده من تداعيات وانهيارات وصلت بالبعض إلى حافة الإفلاس.

لا شك أن الجدل سيشتد ويلتهب في الأيام القليلة المتبقية قبل جلسة العاشر من الشهر الجاري لمجلس الأمة لبحث حلول الأزمة الاقتصادية، فأسلحة دعم الحجج في ذلك الجدل بين المؤيدين والمعارضين ستتراوح بين معايير العدالة الاجتماعية والرأي الشرعي ورؤى أصحاب الخبرة الاقتصادية «وكل منهم سيحاول تقريب قرصه من النار»، لصعوبة إيجاد رأي مهني محايد في هذه الحقبة من عمر البلد.

وهناك من يرى نذير أزمة جدية في تلك الجلسة، قد تعصف بالحياة البرلمانية إلى حين، بسبب ما سيُطرح حول أموال دعم الشركات المتعثرة والأموال المطلوبة لقضية شراء مديونيات المواطنين، لذلك فإن المطلوب هو تعامل فطن وحكيم معها، خصوصاً من الحكومة التي يجب أن تأتي بتصورات تراعي جميع المحاذير والاعتبارات السياسية والاجتماعية، وأهمها أن يكون ضخ أي مبالغ ذا مردود عام.

ونظراً لعدم وجود نشاط صناعي وخدماتي خاص كبير يمكن ضخ أموال ضخمة فيه، فإن الأسلم هو إخراج المشاريع الكبرى في البلد ووضعها على طاولة التنفيذ بالسرعة الممكنة، وتلزيمها للشركات الوطنية عبر تحالفات بينها أو تقسيمها بين هذه الشركات لضخ السيولة لها، ولنا أن نتخيل مدى النفع العام لو طرحت مشاريع ضخمة مثل تطوير جزيرتي بوبيان وفيلكا، ومشروع مترو الكويت، ومنظومة المستشفيات الجديدة، وجسر الشيخ جابر الأحمد، وتطوير شارع عبدالله الأحمد... إلخ.

وبما أن هذه المشاريع كلفتها بالمليارات، فإنه يمكننا ضرب عصفورين بحجر واحد، فالبلد سيستفيد بالأسعار المتدنية للمواد الخام والكلفة الفنية اللازمة لها في الأسواق العالمية حالياً، وعلى الجانب الآخر سننعش السوق والطلب على العمالة الوطنية للمشاريع الضخمة تلك، وستكون أي تشريعات مرافقة لحل الأزمة أو مبالغ آنية مقبولة للإنقاذ إذا رافقتها ورشة عمل ضخمة للإعمار ولشركات لها أنشطة فعلية في البلد، من دون تبديدٍ لمليارات الدنانير على شركات لا نعرف الجاد منها والقادر على العمل الفعلي من المتعثر، ومن سيستغل أموال الإنقاذ لإدخالها في دورة مضاربات وأنشطة ورقية جديدة.