من يقول إنه فوجئ بقرار الفيفا بإيقاف النشاط الكروي الكويتي حتماً «ما يدري وين الله قاطه»، فلم تعد قصة الصراع الدائر للسيطرة على الرياضة بين من يريد أن تكون الرياضة للرياضيين وآخرين- كما وصفهم النائب عادل الصرعاوي ذات مرة- ممن يريدون الإبقاء على آخر مواقع نفوذهم بعد أن خسروا العديد من المواقع الأخرى في الساحة المحلية... وفي هذا نعني مجموعة «أبناء الشهيد فهد الأحمد» الذين -وبقدرة قادر- أصبحوا جميعهم رياضيين.

Ad

على إثر هذا الإلغاء للنشاط الكروي، فمن المقرر أن يقدم وزير الشؤون خلال أسابيع قانوناً جديداً يلغي القانون الذي أصدره مجلس الأمة، والذي كان يطمح إلى جعل التمثيل في الاتحاد الكويتي لكرة القدم -والاتحادات الأخرى- شاملاً كل الأندية المشاركة في اللعبة، وفي حالة اتحاد الكرة فإن مجلس الإدارة كان من المقرر أن يكون من 14 شخصا يمثلون الأندية الـ14 التي تمارس اللعبة، وهو ما لم يعجب الشيخ طلال الفهد وجماعته الذين استماتوا برحلات «زيوريخية» ومراسلات وكتب لجعل مجلس إدارة اتحاد كرة القدم مكونا من 5 أندية بدلاً من 14 مما أرغم الاتحاد الدولي (فيفا) على إلغاء النشاط الكروي حتى يضبط الكويتيون حالهم بين 14 و5 أندية.

لا شك أن هذا الإيقاف يضع على نواب مجلس الأمة مسؤولية في التعاطي مع الحدث، وهذا لا يكون عبر العناد والمكابرة، لأن الفيفا ببساطة لن يلتفت إلى ذلك... مع الإيقاف نرى النواب يرفعون سيوف المحاسبة في وجه الهيئة العامة للشباب والرياضة، وهي محاسبة مطلوبة، فالهيئة تصرف مئات الآلاف من الدنانير سنوياً للأندية الرياضية ليقوم بعضها بعد ذلك، وبكل وقاحة، بمخالفة قوانين الدولة في صرف الأموال التي تصرف أساساً عليها!

ولعل صمت الدولة أمام هذا التعدي الصارخ على قوانينها من أندية تعتمد أساساً على دعم الدولة يمثل بشكل واضح خيبة هذه الدولة... وسكوت وزير الشؤون عن الهيئة العامة للشباب والرياضة التي صمتت بدورها على ما تقوم به الأندية يعكس بلا شك خيبة وزير الشؤون الذي يتوجب عليه إقالة مجلس إدارة الهيئة... وإلا فليكن هذا الوزير آخر من يحدثنا عن احترام القانون، وهو -في مفارقة عجيبة- رجل قانون مارسه عملياً على مدى سنوات عمله قبل توليه الوزارة.

ولكن ماذا بعد المحاسبة؟ فإقالة مجلس إدارة الهيئة لن يعيد لنا نشاطنا الكروي، وسيحرمنا حتماً من مباراة أخرى ممتعة بين القادسية والسالمية في إياب البطولة الخليجية لكرة القدم... ولن تعيد محاسبة مجلس إدارة الهيئة عقارب الساعة ليتبارى العربي مع الهلال السوداني في دوري أبطال العرب... ولن تفيدنا المحاسبة في أن نرى خيبات وإخفاقات منتخبنا الوطني كل سنة كما تعودنا، فالمطلوب الآن من مجلس الأمة، بعد أن أصبحت الكرة في ملعبه، أن يبادر بوضع حل لهذه الأزمة، وهذا يكمن في إقرار القانون الذي سيأتي به وزير الشؤون وفق شروط النواب والمجلس.

لنعترف أن «أبناء الشهيد» فازوا في معركة إيقاف النشاط، كما كان المجلس قد انتصر من قبل في إقرار القوانين الرياضية، وها نحن الآن أمام معركة جديدة، وبيد النواب الآن ورقة ذهبية لسن قانون «ما يخرش المية»، يعطي لكل مجتهد في كرة القدم والألعاب الأخرى حقه، فليعدّلوا قانون وزير الشؤون ليحجّموا الأندية الفاشلة، فعلى القانون الجديد أن يحجّم أندية كالشباب والساحل والنصر، فلا يعقل أن يكون لهذه الأندية أصوات مماثلة لنادي الكويت والقادسية وغيرهما في اختيار مجلس إدارة الاتحاد الكويتي لكرة القدم... فمن منا يذكر بطولات نادي الشباب أو الساحل أو النصر أو الصليبخات خلال السنوات العشر الماضية؟! فيما نعلم جميعاً إنجازات أندية كالكويت والقادسية والسالمية والعربي وكاظمة وغيرها، وهنا مربط الفرس.

يجب على نواب مجلس الأمة أن يغيروا قانون انتخاب الاتحادات الرياضية بالشكل الذي يعطي قوى التصويت على مجالس إدارات الأندية في الاتحاد بحسب أداء النادي في كأس التفوق الخاص باللعبة، أي بمعنى آخر بحسب أداء النادي في اللعبة بمختلف الفئات العمرية... وهذه لن تحد بالضرورة بشكل كبير من سيطرة أبناء الشهيد على الرياضة إلا أنها بالتأكيد تعزز المنافسة في اللعبة، فأبناء الشهيد بدلاً من أن يضغطوا على أندية «ربعهم» للتصويت معهم في انتخابات اتحاد كرة القدم سيضغطون عليهم لتحسين مستواهم في اللعبة حتى يتمتعوا بثقل تصويتي أكبر لانتخابات الاتحاد، وهو المطلوب، فالأهم في الرياضة تعزيز المنافسة لا إبقاؤها مرتبطة بالطموح الشخصي لرئيس النادي.