إعفاء البشير... وكشف المستور!!

نشر في 05-10-2008
آخر تحديث 05-10-2008 | 00:00
 سعد العجمي إن ردة فعل التيار الديني في الكويت بجناحيه «الإخوان والسلف» على قرار الاستغناء عن الدكتور عصام كشفت أن المنطلق العقائدي لا المصلحة الوطنية، هو ما يحكم تعامل ذلك التيار مع أغلب القضايا السياسية.

من منطلق احترام وتقدير «العلماء» لا أظن أن الكويت رسمياً وشعبياً قد قصّرت مع الدكتور عصام البشير منذ أن وطئت قدماه تراب هذا الوطن، رغم محاولة البعض تصوير قرار إعفائه عن رئاسة مركز الوسطية بأنه إهانة له ولتاريخه!

البشير لم يأت إلى الكويت كمتطوع لعمل دعوي خالص لوجه الله سبحانه، بل جاء ليعمل مقابل راتب وبدلات ومزايا، وهذا حق لا ينازعه فيه أحد، لذا فإن علاقته بوزير العدل والأوقاف تبقى مجرد علاقة وزير بموظف يعمل بعقد، يكافأ إن أجاد، ويعاقب إذا قصّر.

الانطباع السائد لدى أغلب المراقبين أن مركز الوسطية فشل في تحقيق الأهداف المرجوة من إنشائه، بالنظر إلى أعداد الشباب الكويتيين الذين يقتلون في العراق بين فترة وأخرى، وعلى رأسهم أحد المعتقلين السابقين في غوانتانامو الذي أفرجت عنه السلطات الأميركية، وفشل المركز فشلا ذريعا في إعادة تأهيله، وهي إحدى المهمات الرئيسة التي أُنشئ المركز من أجلها، إضافة إلى عدم وجود

إنجازات ملموسة على أرض الواقع نجح المركز في تحقيقها، لذا فإن قرار إعفاء رئيسه من منصبه هو استجابة لقاعدة تحمّل المسؤولية الفنية والأدبية، والأهم من كل ذلك أن القرار حق خالص للوزير الحريتي بموجب الدستور.

على كل فإن ردة فعل التيار الديني في الكويت بجناحيه «الإخوان والسلف» على قرار الاستغناء عن الدكتور عصام كشفت أن المنطلق العقائدي لا المصلحة الوطنية، هو ما يحكم تعامل ذلك التيار مع أغلب القضايا السياسية، فالإخوان نددوا وتوعدوا بمحاسبة الحريتي على قراره لانتماء البشير إليهم فكرياً، فيما شدّ السلف من أزر الوزير وأعلنوا دعمه ضد أي إجراء تتخذه «حدس» تجاهه، فيما بدا واضحاً أنه صراع بين الفريقين على منصب البشير الذي أصبح شاغراً.

من المؤسف في ظل دخول علاقة السلطتين في نفق مظلم، قوامه التأزيم والصراع والتباين على خلفية قضايا وطنية حساسة تتطلب اتخاذ مواقف حاسمة تجاهها، أن نرى القوى السياسية الدينية تنشغل بمعارك ومهاترات جانبية لا تشغل بال الشارع السياسي بشيء، فقد التقطت تلك القوى موضوع البشير و«اليوتيوب» وغيرها من القضايا الهامشية الأخرى لتغطي على فشلها الذريع في الخروج بمواقف معلنة أمام الشعب والأمة من القضايا الأهم كقضية المصفاة الرابعة أو استجواب نورية الصبيح الوشيك، وغيرها من ملفات التأزيم المطروحة، وهي كذلك حال الأغلبية من كتّابها في الصحف الذين ما إن يحتدم النقاش حول أي من القضايا الساخنة المطروحة، حتى تجدهم يكتبون عن ظاهرة العنوسة أو مضار التدخين لحين صدور الأوامر إليهم.

عموماً فإن الدكتور عصام البشير من أكثر الشخصيات التي دار حولها الجدل منذ أن دشن مركز الوسطية أعماله بعد مواجهات قوى الأمن مع خلية أسود الجزيرة في يناير عام 2005، وحتى لا يسيء البعض الظنّ، فإنني أقول شكراً يادكتور عصام على أي خدمة قدّمتها لأمتك الإسلامية والعربية، وكذلك لبلدي الكويت مهما كانت بسيطة، فنحن لن نصادر جهدك حتى إن تقاضيت عليه أجراً، والشكر كل الشكر لمن قرر إعفاءك من منصبك لأنه كشف لنا فصلاً جديداً من فصول نزاع «المصالح» بين السلف والإخوان، وبانتظار موقعة «بيت الزكاة» إذا ما صحّت التسريبات حول غربلة للمناصب في تلك المؤسسة، التي يعتزم حسين الحريتي القيام بها خلال الفترة المقبلة.

back to top