أكثر من 2000 حدث من الجنسين يعانون قصور برامج الرعاية الاجتماعية بسبب إهمال الوزارة وعدم تفاعل المجتمع المدني.
أبرز ما يقال عن إدارة رعاية الأحداث التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بأنها ادارة طاردة للموظفين، بسبب كبر حجم المسؤولية الاجتماعية المنوطة بشريحة الأحداث، الذين تمتد أعمارهم بحسب القانون إلى 18 سنة، اضافة إلى قلة الاهتمام المعنوي والمادي بهيئة العاملين في هذا القطاع الاجتماعي المهم.حتى نوفمبر 2008 كان عدد الاحداث الموجودين في دار الرعاية 2076 فردا، ويقول المسؤول المباشر عن الادارة عبداللطيف سنان: ان هناك متطلبات تحتاج اليها ادارة رعاية الاحداث لم تستكمل بعد، منها المادية والتشريعية وأخرى ذات صلة بتفاعل المجتمع ومؤسساته المدنية مع الادارة، وفي هذا المجال أكد في لقائه مع «الجريدة» ان تطبيق قانون الأحداث ناقص ما لم يعاد العمل بـ«محكمة الأحداث» التي ينص عليها القانون، وكان معمولا بها قبل الغزو العراقي لدولة الكويت، ويعطي سنان اهمية كبيرة لهذه المحكمة، لانها تتفهم نفسية الحدث وظروفه ومتطلباته العمرية والسيكولوجية، وإن عدم وجود مثل هذه المحكمة يعد أساسا مخالفة للقانون.ساعات العمل وطبيعة الحالاتويصف سنان بيئة العمل في الادارة بأنها طاردة، فالهيئة العاملة تتعامل مع منحرفين مارسوا القتل والسرقة وهتك العرض، وغيرها من الجرائم، وبعض من هؤلاء يستسهل مثل هذه الجرائم ويتباهى بأن عليه اكثر من قضية ويتفاخر بأنه يريد المزيد منها! وفي مقابل هذا الوضع الذي لا يستطيع اي موظف تحمله نجد ان قيمة المكافأة المالية المرصودة للتعامل مع هذه الفئة لا تتجاوز 60 دينارا للكويتي و30 دينارا لغير الكويتي، مضافة على الراتب الاساسي، علما بأن نظام العمل في الادارة مستمر مدة 24 ساعة، من خلال المناوبات. واضاف أن هناك قصورا في التشريعات التي تتعلق بحماية المشرفين الذين يتعرضون للعنف المتزايد من قبل الاحداث أثناء عملهم احيانا.القطاع الخاص والأهليويعتب سنان على القطاع الخاص والاهلي في شأن ندرة تعاونهما من خلال الخبرات وتمويل البرامج التي تخدم رسالة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، تجاه هذه الشريحة، وعن ذلك يقول ان في الكويت 70 جمعية نفع عام بعضها ذات تخصص مباشر بالشأن الاجتماعي، لكن تفاعلها لا يزال دون الطموح وعدد الجمعيات التي نتعامل معها بين اوقات متفرقة لا يتجاوز الجمعيتين، ويؤكد أن تواصل الجمعيات مع الادارة من خلال المتطوعين أمر مهم، لكن مثل هذا الجانب غير مفعل، اضافة إلى ذلك أن التعاون بين الجانبين في مجال صياغة برامج تأهيلية يكاد يكون شبه منعدم، واشار في هذا الصدد إلى التعاون الذي يتم بين الادارة وجمعية المحامين في قضايا اثبات النسب.وعن القطاع الخاص يقول غن باستطاعته تقديم معونات مادية غير مباشرة من خلال تأهيل بعض الورش العملية في مجال اصلاح السيارات والطباعة والتغليف، وغيرها من المهن التي تساعد الحدث على اكتساب مهارات تنفعه في حياته العملية لاحقا.طبيعة الجرائم ومرتكبيهاوفي محاولة لرسم التغيير الذي طرأ على طبيعة السلوك الاجرامي بالنسبة الى الأحداث في السنوات الاخيرة مقارنة بسنوات سابقة يقول سنان لـ«الجريدة» إن ظروف ونوع الجريمة اختلفت عن السابق اذ تبدو الجرائم التي يرتكبها الاحداث اكثر عنفا لاسيما مع توافر الاسلحة والسيولة المادية لكثير من الاحداث، والتي تستخدم باشكال غير عقلانية كتعاطي المخدرات والزنى والقتل والاعاقة الناتجة عن العنف، ويضيف ان هناك كثافة غير مسبوقة لنزلاء الادارة من فئة البدون بسبب ظروفهم، أما السعوديون فبسبب وجود عوائلهم في الكويت.الطاقم الوظيفيويؤكد ان تعداد الموظفين في الادارة لا يتواءم تماما مع اعداد الاحداث، فاجمالي عددهم يفوق الـ2000 بقليل، بينما الموظفون لا يتجاوز عددهم الـ150 فقط، وهذا يسبب عبئا كبيرا على الموظف، ويساهم في هروبه إلى وظائف ادارية أقل جهدا.الفتيات والانتحاروسلط سنان الضوء على المشاكل التي تخص الاحداث الإناث في الادارة، إذ اكد ان ظاهرة الهروب أو المحاولة هي ابرز سلوك يمكن الحديث عنه، عندما نتحدث عن الاحداث الاناث، كما ان نية الانتحار هي السمة الاخرى الغالبة عليهن، ويؤكد أن استخدام مادة الشامبو تعد وسيلة شائعة للانتحار بينهن، اما ظاهرة البويات فيؤكد سنان ان هذه الحالات ترد إلى الادارة بشكل ملحوظ وهي ظاهرة موجودة على مستوى اجتماعي واسع وتقوم الادارة بتقويم سلوكيات الفتيات اللاتي تظهر عليهن مظاهر الاسترجال، كالطلب منهن بتطويل الشعر، ولبس ما يليق بالفتيات والتعود على وضع الكحل وغيرها من السلوكيات التي تليق بالفتيات، اما الفتيان فإن التفكير في الهروب أبرز سلوكياتهم لاسيما ان وجودهم في الادارة يعد عائقا لحريتهم، ويضبط سلوكهم فالنظام الدراسي المتبع لدينا يجعل الحدث تحت أعين المدرس والمشرف الاجتماعي وهذا الانضباط يضايقهم في بداية الامر، ولذلك فإن الهروب يعد أول فكرة تخطر على بال الحدث الذكر.تكلفة الحدث على الوزارةويضيف ان تكلفة الحدث المادية كبيرة جدا وتزداد مع كبر سنه، فالعلاج الاجتماعي الذي تقدمه الادارة له شق ترفيهي يحتاج متطلبات مادية كبيرة، تتمثل في الصرف على البرامج الترفيهية التي تقدمها الوزارة لشريحة الاحداث، مثل زيارة دور السينما وصالات الالعاب وتقديم عروض الخصومات من بعض المحلات التجارية لهم، وبالتالي فإن مساهمة القطاع الخاص في تشييد مراكز ترفيهية باتت مهمة جدا لتقديم مثل هذه الخدمات وفي هذا الصدد ذكر سنان ان بعض السياسات الحكومية اثرت بشكل كبير على وضع الشباب في سن الاحداث، وضرب مثلا على ذلك في قضية ازالة الدواوين التي كانت مكانا لتجمع الشباب لقضاء وقت في مكان آمن، وان مثل هذا القرار لم يجد بديلا اجتماعيا لشريحة كبيرة من المواطنين ومنهم الشباب لقضاء وقت للتسلية البريئة.
قضايا
الأحداث... فئة مهملة من الرعاية الاجتماعية الفتيات يفضلن الانتحار... وحيلة الفتيان في الهروب
23-01-2009