Ad

إنه لأمر مؤسف، وغير مقبول، استمرار المحاولات الحكومية بأشكال مختلفة، ومسميات متعددة للحد من حرية التعبير، وعلى الحكومة أن تستوعب أن هناك وثيقة صدرت عام 1962يطلق عليها دستور دولة الكويت، وأن على حكومة الكويت وبرلمانها التزاما أكيدا تجاه هذا الدستور.

حسنا فعلت الـ 18 جمعية نفع عام بتصديها للتوجه الذي تعتزم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وهو فرض رقابة مسبقة على مراسلات جمعيات النفع العام، وإن كان المطلوب أكثر لإيقاف هذا التوجه.

التوجه الحكومي لفرض الرقابة والهيمنة على حركة المجتمع هو توجه غريب وغير مفهوم، فالحكومة تعطي ربع حرية باليمين لتأخذ حرية كاملة بالشمال.

لن نرتكز في مطالبتنا بكف الحكومة يدها عن حرية المجتمع استنادا إلى مواد الدستور والمواثيق الدولية التي صادقت عليها دولة الكويت، ففي ذلك ما يفترض أن يكون كافياً لردع أي محاولة بهذا الاتجاه، ولكننا سنفترض أن حكومتنا «الرشيدة» ملتزمة بخطاباتها وإعلاناتها وادعاءاتها ومزاعمها بالديموقراطية، وهي إعلانات ومزاعم موثقة ومعلنة ولا تحتاج إلى تثبيت.

قد يتصور البعض في الجهاز الحكومي أن حل المشاكل التي يعانيها المجتمع، الذي يتسبب بالكثير منها تردي أداء الجهاز الحكومي المترهل، إنما يتحقق بإخفاء تلك المشاكل. وهو تصور ينم عن استهتار بالتزامات الدولة تجاه حماية الحريات، كما أنه تصور يدل على أنه لم يتم الاستفادة من الحقبة المظلمة التي استمرت منذ الانقلاب على الدستور في سنة 1986 حتى يتم إلغاء الرقابة بصورة رسمية في ديسمبر 1991.

الذين عاشوا تلك الحقبة يعلمون جيدا أن الرقابة المسبقة كانت مدخلا لتدهور البلاد، وكانت بمنزلة تصريح رسمي لكل أنواع الموبقات تحت غطاء حماية المجتمع.

تحدثنا في السابق عن خطورة فرض الوصاية على المجتمع من أي كان، حكومة، أو جماعة، أو أي تكوين آخر، وما الاستمرار بهذا النهج إلا مضاعفة للحالة المأساوية التي عليها المجتمع اليوم، والغريب أنه مازال لدينا من يحاول ويستمر في محاولة فرض التسلط على الرغم من أن كل التجارب السابقة لم تأت إلا بالدمار والخراب.

إنه لأمر مؤسف، وغير مقبول، استمرار المحاولات الحكومية بأشكال مختلفة، ومسميات متعددة للحد من حرية التعبير، وعلى الحكومة أن تستوعب أن هناك وثيقة صدرت عام 1962، وأنه يطلق على تلك الوثيقة دستور دولة الكويت، وأن على حكومة الكويت وبرلمانها التزاما أكيدا تجاه هذا الدستور.

ألا يكفينا أن قانون جمعيات النفع العام الحالي هو من قوانين القرون الوسطى، وأنه بحاجة إلى نسف من جذوره؟ وألا يكفينا أن المقترح الحكومي الجديد ليس إلا نسخة من قوانين العصر الحجري حتى تظهر علينا مسميات جديدة للهيمنة والوصاية؟!