في كل عام في مثل هذا اليوم (21 مارس)، يحتفل العالم بيوم الشعر العالمي.

Ad

ما هو الشعر؟ ما ماهية الشعر؟ هذه اسئلة أثيرت وتُثار عبر حقب زمنية ومراحل تاريخية متعددة، غير أن الأجوبة تظل غير نهائية وغير قطعية بالتأكيد.

الشعر هذا الكائن الحي، هذه الشعلة المتّقدة عبر الأزمان يظل يتنفس معنا أينما كنّا، ومن هنا أهميته وإذ يتم الاحتفال بيوم الشعر انما للتأكيد على أن الشعر هو رهان واحتفاء بجوهر الحياة والجمال.

يظل الشعر تساؤلاً مستمراً عن الحياة والمصير، بهذا المعنى يفتح الشعر آفاقاً كانت مجهولة على الدوام، يدفعنا الشعر الى النظر بعمق أكبر كما يدفعنا الى اقامة صلات جديدة مع العالم من أجل فهم انفسنا وما يدور حولنا.

من المؤكد أن الشعر لعب دوراً مهماً في تاريخ المجتمعات والشعوب على اكثر من صعيد، فمن المعروف مثلاً أن جوهر الفكر الأسطوري في اليونان القديمة كان اقتراباً شعرياً في الأساس، حضارة وادي الرافدين أيضاً لم تخرج عن هذا النطاق عبر الملاحم والأساطير المعروفة، الشعر العربي أيضاً، منذ ما قبل الاسلام في الجزيرة العربية والحقب التي تلته، كان طريقة للنظر الى جوهر الوجود، اما في عالمنا المعاصر حيث تقلص الكوكب الذي نعيش فيه بشكل كبير وانتشرت فيه مظاهر الحروب والدمار وامتدت النزعة الاستهلاكية الى كل مكان، بحيث اصبحت اشتراطات الحياة القاسية تطوق الكائن، فاننا لا نملك غير الشعر الذي هو وعد مشع بالامل وتطلع دائم نحو الحق والعدالة الانسانية.

ان الشاعر يطمح الى استشراف المصائر الكبرى للانسان ويحلم أن يكون جوهر الشعر فعلاً عظيماً من أفعال الحرية، ومغامرة في مستوى النزوع الأعمق للانسان.

الشعر أيضاً فعل انصات للذات وللآخر، وهناك نوع من التبادل الخفي والتواطؤ الخلّاق بين الشاعر والمتلقي، وبهذا المعنى يصبح الشعر فعل تجاذب وطريقة للتواصل ومساراً للمعرفة. اللغة مسكن الشاعر، والشعر بما انه فعل من افعال الحياة فانه يتمظهر في اللغة بالمعنى الاصطلاحي للكلمة، لكنه مبثوث أيضاً في تجربة الوجود.

لقد قال الكاتب الارجنتيني بورخيس مرة: إننا عندما نبحث عن الشعر نبحث عن الحياة، لذلك فالشعر ليس غريباً، انه يترصد عند المنعطف ويمكن له أن يبرز أمامنا في أي لحظة، لذلك أيضاً فالشعر لا يموت كما يدّعي البعض.

والآن مالذي نريده نحن من الشعر في هذه المناسبة، في ظني نريده أن يكون حاضراً بيننا أن نفتح له النوافذ والأبواب، نريد أن نحتفل به في المدارس، والكليات والجامعات في الحدائق والمنتزهات أن يكون حاضراً في الهواء الطلق، أن نمد له يداً مُحبّة بنبل وشفافية.

تحية لكل الشعراء في هذا اليوم، ولا يفوتنا أن نستذكر أيضاً الشعراء الذين رحلوا عن عالمنا في العالم العربي، أو في اي مكان آخر من العالم.