ردود الفعل التي أعقبت حكم المحكمة الدستورية ببطلان عضوية النائبين مبارك الوعلان وعبدالله مهدي العجمي، كانت محل استغراب الكثير من القانونيين، لدرجة أنني بدأت أتساءل: هل نواب الأمة على علم بما ورد في الدستور الكويتي لجهة منحه استقلالية القضاء؟...
وللأسف جاء في مقدمهم من هو اولى بالحديث عن ضرورة احترام القضاء وتقدير أحكامه، وبالتالي فلا فائدة من احكام «يفصلها مبارك الوعلان على مزاجه»! «ولا تليق لذوق عسكر العنزي»! «ويصممها عبدالله مهدي العجمي كما يشاء ولا تحلو لسعدون حماد العتيبي»، وأصبح المزاج المعارض للأحكام متصديا بأي طريقة من دون الاكتراث بالنتائج، والمصيبة الأكبر ما ورد على لسان النائب المحترم محمد العبيد، الذي قال في الندوة الجماهيرية التي اعدت لغرض «التنفيس» والضرب في أحكام المحكمة الدستورية من أنه «يستنكر اعتماد المحكمة الدستورية على النتائج التي أعلنتها وزارة الداخلية»، ولم يبلغنا النائب العزيز أي نتائج يريد؟ هل هي نتائج الداخلية أم العدل أم المعتمدة في صناديق مجلس الأمة لكي تعتمدها المحكمة الدستورية؟ أم أن «قائمة الطلبات التي يحملها هو وزملاؤه غير العالمين بخطورة الطعن بنزاهة رجال القضاء واحترام الأحكام القضائية، لا تتسع لطلباتهم غير المقبولة لا قانونا ولا دستورا، وقد تكون مقبولة في دكاكين التنفيس الموجودة في الهواء الطلق!»أقول لنواب الامة: كفاكم عبثا بما تقولون، واحترموا القضاء وما صدر عنه من أحكام، فالتشهير برجال القضاء والأحكام الصادرة أمر في غاية الخطورة، بل أن الأخ النائب محمد العبيد طالب بإبعاد غير القانونيين من أعضاء المحكمة الدستورية وكأن هناك أعضاء في المحكمة الدستورية ليست لديهم شهادات قانونية ويعرفهم العبيد، وبعضهم على ما يبدو بنظر النائب اختصاصي اجتماعي ونفسي، من دون أن يعرف حتى من هم أعضاء المحكمة الدستورية!لا يمكن لنا كمتقاضين أن نحدد الاتجاه الذي يتعين على المحكمة الدستورية أن تسلكه، ولا يمكن لنا أن نعلّم قادة من رجال القضاء وخيرة أعمدته ممن يتولون إدارة الجهاز القضائي، طريقة كتابة الأحكام، فمن لديه طعن أو دعوى بطلان لمن يحاول جاهدا خلق البلبلة من دون مبرر، عليه اللجوء إلى القضاء ولا ساحات أخرى غير القضاء إذا كانوا بالفعل مؤمنين بدور القضاء الكويتي الذي يصدر أحكامه باسم صاحب السمو أمير البلاد، ومن لم يعجبه كلامي من الإخوة النواب المدججين بنيران الهجوم على المحكمة الدستورية من أطراف معروفة، عليه التقدم بمشروع قانون لتعديل قانون إنشاء المحكمة الدستورية، بدل الحديث لمجرد الحديث وفرد العضلات في الهواء الطلق من دون احترام لدستور البلاد الذي تم أداء القسم عليه.في الختام، أقول أولا لرجال القانون العاملين في قضاء المحكمة الدستورية: هناك طريق اسمه القضاء للطعن في الأحكام، وإذا لم توجد فالتعقيب على الأحكام الدستورية أمر مقبول لكن من دون تجريح، وعلى نواب الأمة احترام الأحكام الدستورية، فإذا ما شاهد رجل الشارع العادي من نائب الأمة النيل من الأحكام القضائية والتجريح بها على العامة، فلن يتردد هو في فعل ذلك، والسبب ضعف وعي ذلك النائب الذي في نظري لا يستحق سوى الجلوس إلا في منزله بدلا من الاستمرار في عضوية مجلس الأمة!
مقالات
مرافعة: دكاكين التنفيس تريد حكماً على مقاس الوعلان والعجمي!
28-09-2008