على الرغم من الصخب والشغب الذي أثاره مناهضو احتكار الحكومات لخطط الإنقاذ المليارية، فإن القمة الاقتصادية العالمية التي انعقدت في لندن خلال الأسبوع الماضي خرجت ببيان ختامي هادئ أسدل الستار «نظريا» على مرحلة الكساد، ورفع سقف التطلعات إلى مرحلة إنفاق الخمسة مليارات دولار بدءا من تاريخ القمة حتى عام 2010. ولم تكن قمة العشرين هي الأولى لمجابهة الأزمة المالية، إنما هي جزء من سلسلة من القمم، فقد عقدت قمة باريس في العام الماضي، لبحث ورسم ملامح النظام النقدي العالمي الجديد، ومحاولة إيجاد سبل لانتشال اقتصاد الدول من الأزمة المالية العالمية، وكغيرها من القمم.
لم يخل اجتماع القادة حول الاقتصاد من الاختلاف حول سبل طرح خطط الإنقاذ، حيث اتضحت ملامح الانقسام في مداخلات رؤساء الوفود المشاركة، ففريق يرى في زيادة الإنفاق وضخ الأموال الإضافية وسيلة للتخفيف من حدة الأزمة المالية، وتؤيده الولايات المتحدة وبريطانيا وفريق آخر يتطلع لقواعد أكثر صرامة لتنظيم الجهاز المالي العالمي الجديد، وتؤيده فرنسا وألمانيا.ومن أكثر المصطلحات القديمة عودة إلى صفحات الاقتصاد في الصحافة الأوروبية أخيرا، اتفاقية «بريتون وودز»، وما بريتون وودز إلا منطقة سياحية في نيوهامبشاير نسب إليها المؤتمر الاقتصادي الذي عقد بعد الحرب العالمية الثانية، لتحديد النظام الاقتصادي الدولي لمرحلة ما بعد الحرب، فاجتمع صانعو السياسة آنذاك لوضع القواعد وتحديد المؤسسات الرسمية التي من شأنها إدارة العلاقات التجارية والنقدية القائمة في ما بينها. وقد كان من أبرز مهندسي القمة في ذلك الوقت الاقتصادي الإنكليزي الشهير جون مينارد كينز، الذي عرض فكرة تأسيس احتياطي مالي عالمي مركزي، يعمل على إعادة توزيع الفائض التجاري على الدول التي تعاني عجزا ماليا.تطلبت الإجراءات إعادة النظر في أسعار صرف العملات، وتنافس الدولار مع سعر الذهب، وبعد التخلي عن الاتفاقية عادت قوى العرض والطلب إلى جانب الأدوات المالية الجديدة للسيطرة على الأوضاع الاقتصادية.خلاصة الموضوع أن القمة اللندنية، أعادت إلى ذاكرتي سعي الكويت المتواصل لدى المنظمات الإقليمية والدولية لعقلنة المشهد السياسي بتحويل لغة السياسة إلى الاقتصاد، فعلى الصعيد الإقليمي عقدت القمة الاقتصادية هذا العام في الكويت، وعلى الصعيد الدولي استبقت الكويت الأزمة المالية وطالبت قبل عامين منظمة التجارة الدولية ومؤسسات بريتون وودز بتخفيف القيود على صادرات الدول النامية، ووضع نظام تجارة دولي أكثر عدالة وإنصافا للدول الأقل نموا والأكثر فقرا.فقد جاء ذلك في كلمة الكويت عام 2007 في الأمم المتحدة، الأمر الذي يجعلها مؤهلة أن تصبح مقرا للبنك المركزي الخليجي... وتمثل الدول العربية في المؤتمرات الاقتصادية العالمية، فالكويت تملك كل ما يؤهلها للعب أدوار إقليمية، بل عالمية، والمطلوب تعزيز الثقة بالكفاءات من أهل الكويت، والترفع عن أصحاب المزايدات الهشة، والتشكيك في القدرات. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
الكويت ورفع سقف التطلعات
07-04-2009