Ad

إن العرب، وهذا ما يجب أن تعرفه سويسرا «الجاهلة»، التي تكنـز في بنوكها الأموال العربية، والتي تكنـز في بطنها ناراً وستصلى سعيراً، لا يتدخلون في شؤون الغير. فها هم الإيرانيون والأميركيون يتقاتلون في العراق، ولا يتدخل أحد في شؤونهم. وهنا، فإنه لابد أن يتعلم «السواسرة» من أحبائهم الإسرائيليين، الذين يقفون متفرجين ولا يحركون ساكناً، بينما يتذابح الإخوة في غزة.

ما علاقة سويسرا «أم الساعات» والحسابات البنكية السرية حتى تعادي العرب وتتدخل في شؤونهم الخاصة، وحتى ترتكب جريمة «توقيف» نجل العقيد معمر القذافي لمدة يومين، لأنه صفع اثنين من أشقائه المغاربة، الأول تونسي والثاني مغربي. إن هذا شأن عربي، ومن حق العرب أن يضرب بعضهم بعضاً ضرب غرائب الإبل، حتى إن كانوا في بلاد الغربة، وحتى إن كان الضارب مجرد زائر من أجل السياحة والاستجمام، و«المضروبان» عاملين بسيطين جاءا بحثاً عن لقمة العيش الممزوجة بالدم، والمغمسة بالشقاء والتعب والإهانات اليومية.

هناك طرفة «نكتة»، ويبدو أنها ليست مخترعة، وإنما صحيحة، تقول إن صحافياً أميركياًَ التقى صدام حسين في ذروة صولجانه وعزه، وإنه تجادل معه، في حدود اللياقة طبعاً، حول الديمقراطية في العراق والولايات المتحدة الأميركية، وان الصحافي الأميركي قال للرئيس العراقي الأسبق: إن ديمقراطيتنا تسمح لأي أميركي أن يقف أمام البيت الأبيض، ويشتم الرئيس جورج بوش كما يحلو له، وكما يشاء. وحسب هذه «النكتة»، التي يبدو أنها صحيحة وأنها ليست مخترعة ولا «مفبركة»، فقد ضحك صدام حسين بطريقته المعروفة بعد أن سمع مـن الصحافي الأميركي ما سمعه، ثم قال بنشوة: «وإن ديمقراطيتنا تسمح لأي عراقي أن يقف أمام قصري العامر، وأن يشتم الرئيس جورج بوش كما يحلو له وكما يشاء... وحتى يشبع»!

كان على سويسرا الدولة المتخلفة التي لا تعرف «الباجة»، ولا «المطازيز»، ولا «المناسف»، ولا «الكبسة»، ولا «العصيدة»، ولا «الجـَزْمَزْ»، ولا «الشَّلغَمْ»، والتي تعيش على الجبن أبو ريحة والشوكولاته، أن تعرف أنه لا يحق لها ما يحق للعربي. فالعربي يحق له أن يصفع أخاه على وجهه، وعلى قفاه أيضاً، ويحق له أن يغزوه، وأن ينهب إبله وأغنامه، وأيضاً يحق له أن يغزو الدولة الشقيقة وأن يلغيها كدولة. وإن هي استنجدت بالغريب، فإنه عارٌ ما بعده عار أن يستعين الأخ على أخيه بالأجنبي فـ «ضرب الحبيب زبيب»!

إن العرب، وهذا ما يجب أن تعرفه سويسرا «الجاهلة»، التي تكنـز في بنوكها الأموال العربية، والتي تكنـز في بطنها ناراً وستصلى سعيراً، لا يتدخلون في شؤون الغير. فها هم الإيرانيون والأميركيون يتقاتلون في العراق ولا يتدخل أحد في شؤونهم. وهنا، فإنه لابد أن يتعلم «السواسرة» من أحبائهم الإسرائيليين الذين يقفون متفرجين ولا يحركون ساكناً، بينما يتذابح الإخوة في غزة ويدقون بينهم عطر منشم، وأكثر من عطر منشم.

كان على سويسرا قبل أن تقدم على ما أقدمت عليه وتعتقل هانيبعل القذافي -والصحيح حنا بعل أي عبدالله وفقاً للغة الفينيقية الفصحى- أن تتذكر أن فرنسا احتلت الجزائر لأكثر من مئة وثلاثين عاماً، لأن «دايها» تجرأ وصفع القنصل الفرنسي بمنشة على وجهه... لقد جاء رد «الجماهيرية» حضارياً كالعادة وبالمظاهرات فقط، وكان بالإمكان أن يحدث مع «السواسرة» ما حدث مع الجزائريين، لولا أن الله «ستر» وتوقفت الأمور عند مجرد التظاهر.

ربما أن سويسرا المنشغلة منذ فجر التاريخ بصناعة «الجبنة» وصناعة الساعات الدقيقة، لا تعرف أن قبيلتين عربيتين اقتتلتا لأربعين عاماً، لأن فرساً لإحدى هاتين القبيلتين سبقت الأخرى (داحس والغبراء)... ولا تعرف أن هذه الأمة لاتزال تردد منذ إقامة دولة إسرائيل فوق أرض فلسطين العـربية:

لن ينام الثأر في صدري وإن طال مداه!

«صّحْ يا رْجال»!

* كاتب وسياسي أردني