بدأ عبد العزيز المسلم حياته الفنية حين ظهر للمرة الأولى في برنامج خاص بالأطفال، ولم يتجاوز السابعة من عمره، حينذاك لم يكن يعلم أين سيضعه الفن، وما المحطات التي سيتوقف عندها.
كانت الصعوبة التي واجهها المسلم في بداياته أنه لم يعش طفولته مثل بقية الأطفال، ولم يتمتع باللهو والمرح مثل أقرانه، بل بدأ رجلاً منذ صغره، عمل بجلد وصبر، مثله مثل أي رجل كبير في السن. ولأنه تحمل المهام الصعبة، أصبح فنانا محنّكاً صعب المراس. عاصر جيل الفنانين القدماء وامتدت تجربته إلى الشباب وحتى اليافعين والناشئة. تمتع بوطنية كبيرة لا يمكن لأحد أن يشكك فيها، يحب بلده ويخاف على شبابها، تستهويه المواضيع الزاخرة بالنصح والإرشاد. يرى أن للفن رسالة هادفة ويرفض تقديم الأعمال الجريئة التي تخدش حياء العائلات الخليجية والعربية، لأنه متيقّن أن المشكلة الاجتماعية أو الظاهرة موضع العلاج، يمكن تناولها بطريقة أسهل، تعتمد على مبدأي الإشارة والتلميح، من دون الخوض في تفاصيل خادشة للحياء.التعليم والتمثيلبدأ المسلم حياته الفنية ممثلاً، ومن ثم شق طريقه بالتعليم الذي أتاح له امتلاك أدواته الفنية حتى أصبح مخرجاً ومؤلفاً مسرحياً. أبدع كثيراً في مسرحيات الرعب الكوميدية الهادفة، والمسلسلات الكوميدية الاجتماعية التي تهدف الى توعية المجتمع وإيصال رسالة ترشيدية وتعليمية. من أبرز مساهماته الفاعلة مسرحية «عبيد بالتجنيد» التي أخذت بها السلطات وطبقت التجنيد الإلزامي، وغيرها من المسرحيات التي استخدم فيها مبضع جرّاح محترف، فقدم العلاج لمشاكل اجتماعية وأسرية كثيرة. تتلمذ المسلم على يد والده الكاتب عبد الله المسلم، أحد مؤسسي حركة الدراما الإذاعية والحركات المسرحية في الكويت والخليج. بدأ مشواره الفني عام 1969 وما زال يعمل بين الإذاعة والتلفزيون، والأنشطة الإعلامية الأخرى. حصل على بكالوريوس في التمثيل والإخراج المسرحي عام 1987، وهو راهناً مراقب الدراما في إذاعة دولة الكويت. لديه دراسات وأبحاث في مجال الإعلام التنموي، آخرها «استراتيجية الخطة الخمسية» قدمها إلى وزير الإعلام الشيخ صباح الخالد. يتابع راهناً مسيرته التعليمية ويحضّر لنيل درجة الماجستير في الإخراج المسرحي. مشاركات منوّعةشارك المسلم في دعم قضية الأسرى والشهداء الكويتيين لمدة عشر سنوات. قدم خلالها أعمالاً عدة، بدءاً بمهرجان تخليد الشهداء (1998)، ومن ثم أوبريت «أسرانا في الضمير» (1999)، أوبريت «فوق السحاب» (1999)، أوبريت «صوت السلام» (2000)، التي قدمها برعاية الشيخ سالم صباح السالم وحضور شخصيات عربية مهمة من بينها: أمين عام جامعة الدول العربية، رئيس مجلس الشعب المصري، رئيس مجلس الأمة الكويتي، مجموعة من الشخصيات الثقافية والسياسية والدبلوماسية الكويتية والعربية، وشارك فيها كبار النجوم في العالم العربي من بينهم: محمد عبده، وديع الصافي، أحلام، أنغام، وذكرى.تنوّعت مساهمات المسلم الأخرى، فعمل مهندساً للصوت لخمس سنوات في إذاعة الكويت، مصمم إضاءة، مصمم استوديوهات، مستشاراً لبناء المسارح، مديراً عاماً بالإنابة لإدارة الإنتاج الإذاعي في الكويت (يوليو ـ سبتمبر 2004)، نائبا لرئيس اللجنة المنظمة لاحتفالات الكويت العاصمة الثقافية وصمم وأخرج الاحتفالات، بتكليف من الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، كتب وأخرج الكثير من المسلسلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية. كان عضواً في اللجنة الإعلامية للطوارئ والدفاع المدني (2002 ـ 2003)، وكتب أعمالاً للإذاعة والتلفزيون والمسرح. كذلك شارك في تصميم افتتاح بطولة العالم لكرة الماء العاشرة وإخراجه، وهو عرض فني وضوئي قدم على الماء والهواء بمساحة كيلومتر مربع واعتبر من العروض الفنية العالمية. يتولى راهناً منصب رئيس مجلس إدارة شركة مسرح «السلام» للإنتاج الإعلامي وشركة «تاج الوفاء» للتجارة العامة والمقاولات.الجوائزحصل المسلم على جوائز عدة من مؤسسات عربية ودولية، من بينها جائزة مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون (دورة 2001)، جوائز أخرى من المهرجان ذاته ولدورات متتالية، جائزة أفضل تقنيات مسرحية عن مسرحية «البيت المسكون 2» ضمن مسابقة العروض المسرحية، جائزة أفضل مخرج مسرحي في المهرجان الكويتي المسرحي (17 مارس (آذار) 1990). كرمته الهيئة العامة للشباب والرياضة ومنحته الشهادة التقديرية عن دوره في تأسيس مسرح الشباب في دولة الكويت في احتفالية مرور 25 عاماً على تأسيسه، نال الجائزة الذهبية عن مسلسل «الشجرة» في مهرجان الخليج التاسع للإذاعة والتلفزيون (2006). كرمه وزير الإعلام وممثلي المسلسل التلفزيوني «فريج صويلح»، (من تأليفه) بعد نيله الترتيب الأول حسب إحصاء إحدى الصحف المحلية، كذلك كرمته وزارة الأوقاف عن المسلسل ذاته، نال شهادات تقدير من جمعيات خيرية في الكويت لإبرازه القيم الإنسانية والدينية والاهتمام بالعادات والتقاليد، حصل على الجائزة البرونزية عن العمل الإذاعي «من قصص القرآن» (2002)، جائزة المهرجان الفضية عن «صامدون يا قدس»، الجائزة الذهبية عن مسلسل «الفطير المقدس» في مهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون (2003). له الكثير من المشاركات الدولية الأخرى مثل «ملتقى القاهرة العلمي لعروض المسرح العربي».الفريج القديمتعلق المسلم بوالده الذي يعيش في بيئتين مختلفتين وتأثر به كثيراً، يقول: «كان أبي مولعاً بالبحر والصيد، ويعشق في الوقت ذاته البر والصحراء، ولديه «حلال» من أغنام وإبل، وزراعة. كنا نملك منزلاً في منطقة «الفنطاس» على شاطئ البحر، نقصده في كل صيف بهدف التنزّه والترفيه».يسترسل المسلم في حديثه موضحاً أنه لم ينقطع عن البحر، حتى بعدما باعت عائلته المنزل وانتقلت إلى منزل آخر قريب من شاطئ البحر أيضاً. كذلك كانت منطقة «الشويخ السكنية» محببة بالنسبة إليه، لأن غالبية أصدقائه كانت تقطن فيها. أما منطقة «الشامية» فكان قليل الحضور فيها وقليل الظهور أيام «القرقيعان» في رمضان بسب التصوير والتلفزيون.الشكر والعرفانيعرب المسلم عن شكره العميق لكل من ساهم في مسيرته الفنية، ويخص والده الفنان عبدالله المسلّم الذي دعمه وأرشده ومنحه الثقة ليصبح فناناً، يقول :» كان والدي قريباً جدا الى قلبي، ولم يقصر يوماً في نصحي وإرشادي». يتوجه بالشكر ايضا إلى الفنان الراحل خالد النفيسي والعمالقة من أمثال: علي المفيدي، ابراهيم الصلال، سعد الفرج، غانم الصالح، حمد صريع، مريم الغضبان، عبد العزيز النمش، حياة الفهد، القديرة سعاد عبدالله، مريم الصالح ، انتصار الشراح، ومن الشباب: باسمه حمادة، عبير الجندي، ومن جمهورية مصر العربية: وجدي العربي، وحيد سيف ومحمد سعد. جديد أعمالهأطلق المسلم لشهر رمضان مسلسل «مسك وعنبر» وهو عبارة عن حلقات منفصلة ومتصلة الأهداف، أخرجه بتقنية عالية الجودة والوضوح، شاركه في التمثيل نخبة من نجوم الكويت والخليج ومصر من بينهم: سعد الفرج، إنتصار الشراح، أحمد بدير، خالد أمين، مشعل الشايع، عبير الجندي، محمد الشعيبي، مرام، مي البلوشي، منى البلوشي، ومجموعة من كبار الفنانين والشباب والوجوه الجديدة.تنوُّعيقول المسلم عن أعماله: «أرى أنه من الأفضل التجديد والبحث عن قصة حقيقية لتجسيدها، ليلتفت جمهور المشاهدين للدراما وسط هذا الزخم التلفزيوني الذي يركِّز على المنوعات والفيديو كليب وغيرها، ونعكس مشاكل مجتمعاتنا وقضايانا بموضوعية مع التركيز على قيمنا وعاداتنا من دون إثارة ساذجة أو متعمدة، لكن بنوع من الصراحة والشفافية والمكاشفة، وهو ما جعلنا في شركة مسرح «السلام» نؤسس لصناعة درامية سيكون لها مردود متميز على المدى البعيد». محاباةينفي المسلم بشدة أن يكون المسؤولون في وزارة الإعلام يحابونه ويقدمون له عروضاً أفضل: «الزيارات الميدانية التي يقوم بها المسؤولون في الإعلام الكويتي لموقع التصوير هي ودية، بعيدة كل البعد عن «البزنس» والتجارة، والدليل على ذلك أن عرض مسلسل «الأصيل» لم يحسم حتى الآن». يشير إلى علاقته المتميزة مع جميع الجهات وإلى أن وزراء الإعلام في مجلس التعاون الخليجي يزورون أحياناً مواقع تصوير المسلسلات، للتشجيع والتواصل. العثرةيتميز المسلم بحياة فنية ثرية ومنوّعة، وبسبب التنوع والكم الهائل من الأعمال تعرّض لضغوط نفسية ومصاعب و{عثرات» كثيرة. أصعب موقف بالنسبة إليه حين تخلّى عن «شركة مواد بحرية» كان يمتلكها لانشغاله الدائم في الفن. سبّب إقفال هذه الشركة بتسريح موظفين كثر، كانوا يجدون فيها باب رزقهم. من هو ؟ولد المسلم عام 1965. ترعرع في صباه في منطقة «الشامية»، تعلم في منطقة «الشويخ السكنية» وبالتحديد مدرسة ريم الغزالي، من الصف الأول ابتدائي وحتى الرابع المتوسط، وتتلمذ على يد الكثير من الأساتذه الأجلاء من بينهم: حامد الرفاعي، بدرالجوعان، خالد العصفور، يوسف اللوغاني، ثم انتقل الى ثانوية كيفان ودرس فيها السنة الأولى، وانتقل بعد ذلك إلى ثانوية يوسف بن عيسى بسبب تحويل مدرسته السابقة الى دار لقراءة القرآن. أنهى دراسته الجامعية في المعهد العالي للفنون المسرحية، ويحضّر لرسالة الماجستير.من أعمالهيحفل أرشيف المسلم بأعمال كثيرة قادته إلى الشهرة. من المسلسلات نذكر: «البيت الكبير»، « فريج صويلح» (2005)، {عتيج الصوف» (2006)، الأصيل» (2007)، وراهناً «مسك وعنبر» (2008).أما المسرحيات التي قدمها فكثيرة تنوعت بين الكوميديا والسياسة والرعب الهادف، من بينها: «برشامة» ( 1985)، «هالو بانكوك» (1986-1987 )، «فلونة والشناكل» (1989)، «فري كويت» أول مسرحية بعد التحرير (1991)، «عاصفة الصحراء» الثانية بعد التحرير (1991 – 1992) «بو سند في باريس» و «خمسة وخميسة» (1992)، «عبيد في التجنيد» (1993)، «هالو كايرو» مع وحيد سيف ومريم الغضبان و خالد العبيد ، «الخيران رايح جاي» (1998)، «سوق شرق» (2000 – 2001)، « صفارة إنذار» (2003)، « أبيض وأسود» (2003)، «مصاص الدماء» (1995- 1996)، «البيت المسكون» عرضت في الكويت والبحرين وقطر (1996 – 1997)، «زمن دراكولا» ( 1998)، «قصر الرعب (1999)، «البيت المسكون 2} (2001)، «الرجل الذئب» (2002)، «صرخة الرعب» (2004) عرضت في الكويت والبحرين، «عودة فرعون» (2004 -2005)، «ينانوة الفريج» (2005)، «الحاسة السادسة (2006- 2007) عرضت في الكويت والبحرين وقطر والإمارات والولايات المتحدة الأميركية، بالإضافة الى مسرحيتين كتبهما ولم يقدمهما الى الآن هما: «الكويت سنة 3000»، «بس يا نفط}.مواقف طريفةيذكر المسلم مواقف طريفة مرّ بها، ويدور مجملها حول أشخاص يتشبهون به وينتحلون صفته، يقول: «في إحدى المرّات وبينما كنت أجلس في أحد المقاهي في الكويت، وجدت اسمي على قائمة «البلوتوث» على الهاتف النقال صدفة، واكتشفت في ما بعد أن أحد الحاضرين في المقهى انتحل اسمي كي يتصل به المعجبون والمعجبات»، كذلك يشير إلى أنه يتعرّض كثيراً لمثل هذه المواقف التي تسبب له الحرج وتوقعه في المشاكل أحياناً.
توابل
تحمّل الأعباء صغيراً وحرمه الفنّ من لهو الطفولة عبد العزيز المسلّم: لن أخدش حياء الجمهور بحجّة معالجة الواقع!
04-09-2008