Ad

هل يمكن النظر إلى قضية العرب الأولى «سابقا» واختلاف المواقف العربية من إسرائيل إلا من خلال منظور النقص والضياع، فهناك دول تدعو إلى علاقات علنية، وأخرى تقيم علاقات سرية، ودول تمدها «غازياً»، وأخرى تدعمها سياسياً، بينما العشرات من الفلسطينيين يُقتلون في شوارعها صباح مساء.

منذ أيام احتفلت إسرائيل بذكرى 60 عاماً على قيامها، وبعد أيام أخرى ستحتفل بذكرى انتصار 1967 بينما نتجرع نحن مرارة الهزيمة والانكسار... وباعتبار أننا من أهل الضاد الذين لا يشق لهم غبار في التغني بالألفاظ والتلاعب بالمفردات أطلقنا على قيام إسرائيل وفضيحة 48 وما صاحبها من أسلحة فاسدة وشعار «ماكو أوامر» وانهزام الجيوش العربية أمام عصابات يهود «نكبة»، وأطلقنا على هزيمة ثلاث دول في يوم واحد في 5 يونيو «نكسة»، ولأنني مواطن عربي أنتمي إلى القبيلة اللغوية العربية وأعيش في شعابها اللفظية، أسرعت إلى معاجم اللغة بحثا عن كلمة تصف حالنا الآن قبل أن يفاجئنا فلاسفة الحكام العرب وكتابهم بكلمة جديدة تضاف إلى مفرداتهم السابقة.

قرأت وبحثت ونقّبت إلى أن «اتوكست» عذرا وصلت إلى (و.ك.س) باب السين فصل الواو في قاموس الفيروزابادي «تاج العروس» فوجدت «الوكس: النقصان... ووكس الرجل في تجارته وأوكس ماله: ذهب، والتوكس: التوبيخ والنقص، ورجل أوكس: خسيس، وبرأت الشجة على وكس أي فيها بقية». «القاموس المحيط الجزء الثاني ص 256 طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب».

ووجدت أنها أفضل الكلمات وأدق المفردات في وصف ما نحن فيه، ففضلا عن مدلولها الشعبي والفلكلوري الذي نعرفه جميعا فنحن فعلا نعيش حالة متردية من النقص والخسارة وعلى سبيل المثال فلا يمكن النظر إلى ما يحدث في لبنان إلا أنه حالة من النقص في الفهم والإدراك، وضياع في الأهداف وانحسار للمشاعر الوطنية التي يجب أن تعلي قيمة الوطن ومكانته على المكاسب الشخصية، وهل يمكن النظر إلى مواقف بعض الدول العربية من الأزمة اللبنانية إلا في نفس السياق من نقص الفهم والشعور القومي... بل تسعى هذه الدول إلى فرض وصايتها على لبنان، والأعجب من ذلك محاولتها إشعال الخلافات الداخلية من خلال دعم طرف ودفعه إلى رفض مقترحات الطرف الآخر.

وهل يمكن النظر إلى قضية العرب الأولى «سابقا» واختلاف المواقف العربية من إسرائيل إلا من خلال نفس المنظور من النقص والضياع، فهناك دول تدعو إلى علاقات علنية، وأخرى تقيم علاقات سرية، ودول تمدها «غازيا»، وأخرى تدعمها سياسيا، بينما العشرات من الفلسطينيين يُقتلون في شوارعها صباح مساء، والأعجب ما نقلته بعض وكالات الأنباء- لم أصدقه إلى الآن- أن بعض رؤساء الدول العربية أرسلوا برقيات تهنئة إلى أولمرت بمناسبة الذكرى الستين لقيام إسرائيل... «مش قلت لكم وكسة».

بالتأكيد بعد النكبة والنكسة يشعر المواطن العربي بالوكسة في ظل الحكومات العربية التي تتردى من هوة إلى أخرى، وتتنقل من عيب ونقيصة إلى عار وفضيحة.

وباعتبار أنني هذا المواطن، ولوجود براءة اختراع للاكتشافات العلمية فإنني أطالب باعتباري صاحب أول براءة اختراع للمفردات اللغوية «وكسة»، ولكن نظراً للكرم العربي الشهير وتعميماً للفائدة فإنني أسمح للجميع باستخدامها، حيث الحقوق غير محفوظة وضائعة سلفا، كما يمكن لمن يريد استخدامها مفردة أو مضافة مثل «وكسة 2008» أو «وكسة الألفية الثالثة» كما يمكن تضمينها في عبارة كاملة مثل عنوان المقال «وكسة الأمة في ضياع الهمة» أو «وكسة الحكام في الحرب والسلام»... والله لا أدري هل نضحك أم نبكي؟!