Ad

عندما أدرك اللميع أن الطيور ستطير بأرزاقها، شمّر عن ساعديه ومارس الانتهازية حينما استشعر بأن أمرا ما سيحدث، فاتخذ هذا الموقف الذي لم يكن يدرك أنه سيعريه ويكشفه أمام ناخبيه.

إذا أردت أن ترى الانتهازية والاستخفاف بالعقول والضحك على الدقون في أبهى صورها، فما عليك إلا التمعن جيدا في موقف نائب رئيس مجلس الأمة فهد اللميع الأخير، عبر توجيهه حزمة من الأسئلة لوزير الداخلية الشيخ جابر الخالد.

لا أعرف عدد الأسئلة هل هي عشرون أم اثنان وعشرون أم أقل أم أكثر من ذلك؟ لكن الذي أعرفه جيدا أن اللميع لم يستح، ولم يخجل، ولم يقم للشعب والأمة أي اعتبار، وهو يتخذ هذا الموقف المفاجئ، وكأنه صحا للتو من نومه وتذكر أن الدستور يسمح له بتوجيه أسئلة برلمانية إلى أحد أعضاء السلطة التنفيذية.

اليوم فقط تذكر فهد اللميع أن هناك قبيلة اسمها «العوازم» يجب أن يحاسب من اعتدى على أبنائها، واقتحم ديوانياتهم، وتعرض لهم بالرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والمسيلة للدموع.

اليوم فقط تذكر اللميع تلك الثلة من شباب العوازم وجيرانهم من القبائل الأخرى الذين دافعوا عن حرمة ديوانية ابن عمه غانم اللميع، اليوم فقط تذكر «أبو بشار» أن هناك مَن أخطأ وحان وقت حسابه.

ولأنني من ناخبي دائرتك، وأفخر أنني في الانتخابات الماضية أعطيت أحد أصواتي الأربعة لمرشح «عازمي» ليس أنت بالطبع، فإنني أتساءل هنا، على مَن تضحك يافهد اللميع؟ هل تعتقد أننا سُذَّج إلى هذه الدرجة؟ وهل تعتقد أن «عيال عطا» في جيبك الأيمن؟ تذكر انتخابات 2006 عندما أقفلت ديوانك وأدرت ظهرك لناخبيك، تذكر ماذا فعلت بك قبيلة العوازم؟ لقد لقّنوك الدرس «المر»، وأوصلوا لك الرسالة «استرح في بيتك... العوازم في غنى عنك».

هل تذكر يا «أبو بشار» ماذا قلت خلال الندوات الانتخابية؟ هل تذكر ماذا قلت في ندوة الظهر والصباحية تحديدا؟ هل تذكر أم تريد من يذكرك لعلك تستفيق وتحترم عقولنا؟

لقد أقسمت بأغلظ الأيمان أن تستجوب وزير الداخلية إذا نجحت في الانتخابات، فهل أوفيت بقسمك لناخبيك في الدائرة وأبناء قبيلتك؟ أم أن منصب نائب الرئيس يستحق في نظرك لحس الوعود وعدم البر بالقسم، فإن كان كذلك فهو في نظرنا مجرد مسمى «وظيفي» لا يقدم ولا يؤخر.

اليوم فقط عندما أدرك اللميع أن الطيور ستطير بأرزاقها، شمّر عن ساعديه ومارس الانتهازية حينما استشعر بأن أمرا ما سيحدث، فاتخذ هذا الموقف الذي لم يكن يدرك أنه سيعريه ويكشفه أمام ناخبيه وأمام أهل الكويت جميعا فانطبق عليه قول الشاعر الشعبي:

«غديت مثل معايد القريتيني

لا جبت خير ولا تبعت الرفاقه»

قد نقبل تصريحا للنائب الفاضل يقول فيه إنه تسرع في تهديده للوزير بالاستجواب، وإن الوزير قد اعتذر عن تلك الأحداث التي وقعت... وبالتالي فإنه فتح صفحة جديدة في التعامل معه، فمثل هذا الإجراء مقبول ومتوقع، وقد حدث بين بعض النواب والوزراء في السابق، وهو أقل كلفة من سكوت اللميع «دهرا» ثم نطقه «كفرا»... فهذا ما لايقبله العقل، وقبل ذلك وبعده الحد الأدنى من اللباقة والحصافة السياسية والأدبية.

على كل، شكرا للمواقف لأنها تكشف معادن الرجال، وشكرا لـ«شبح» حل المجلس والعودة إلى الشارع، لأنه يضع النواب في مقاماتهم، ويكشف أحجامهم الحقيقية، وإن كنت قد كتبت الأسبوع الماضي مقالا تحت عنوان «نحن شعب لا يستحق الديمقراطية»، فإنني أتمنى أن أكون مخطئاً في هذا الاعتقاد، وأن يخلف الناخبون ظني عند أي عودة لصناديق الاقتراع مستقبلا، عبر تطهير قاعة عبدالله السالم من «أنصاف النواب».