وجهة نظر في القمر مع خيري بشارة!

نشر في 02-06-2008
آخر تحديث 02-06-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين يعود المخرج القدير خيري بشارة إلى الإبداع في فيلم «ليلة في القمر»، كتبته منال المطيعي، صوَّره طارق التلمساني الذي أدى فيه دور البطولة بإحساس مرهف، شاركته البطولة رغدة في دور يضاف إلى أحسن أدوارها، الموهوبة الشابة ياسمين جيلاني التي تؤكد من خلال دورها إمكان أن تشغل مكانة مميزة في السينما.

الفيلم تجربة «ديجيتال» يعود بها بشارة إلى السينما بعد طول غياب، مثلما عاد رفيقه المخرج الكبير محمد خان قبل أعوام بتجربة مماثلة في فيلم «كليفتي»، لعلهما وجدا فيها منفذاً بعد حصار طويل أطبق على السينمائيين الكبار، خصوصاً الذين صنعوا موجة التجديد المميزة والمتسمة بواقعية شعرية ونقدية في حقبة الثمانينات الماضية.

يبدأ بمشهد لبطلته هنا عز الدين (رغدة) وهي تتذكر الأحداث في حياتها والخواطر، تستخلص من خلال تجاربها العبر والدروس.

كذلك يجسد لحظات وأحوال من عذابات الإنسان، عبر نموذج هنا التي عاشت عمرها مفتقدة الشعور بالذات، حياة زوجية مع خالد (طارق التلمساني) يسودها القليل من المودة المتبادلة والكثير من قسوته عليها، افتقدت الحب والعاطفة والقيمة (كأن يقول لها عادة «أنت مجرد صفر»). في حياتهما ابن هاجر بعيداً وابنة تدعى هالة (ياسمين جيلاني) ينعكس عليها اضطرابهما إلى درجة أنها غرقت في تعاطي المخدرات التي أودت بحياة إحدى صديقاتها.

من ناحية أخرى، تحاول الأم أن تقنع زوجها بالموافقة على زواج ابنتها من شاب تجد فيه سعادتها، لكنه يرفضه بإصرار معتقداً أن الشاب الفقير لا يليق بمستوى طبقته ومركزه المرموق في مجالي البنوك والبورصة، ثم يذعن للضغوط. تتزوج هالة فتستعيد التوازن وتعود إلى نفسها تدريجياً.

تنتهي حياة الوالدين بالطلاق وبوفاة الأب القاسي، أما هنا فتظل تحلم بالحب وتحقيق الذات ولو على القمر (في منتصف القرن الحالي (2053) كما يكتب بشارة على الشاشة في مستهل فيلمه)، مع الشاب الذي كان يصغرها كثيراً ويلاحقها في السوبر ماركت ويعرض عليها التمثيل في فيلم يخرجه. كان يعرض حباً مستحيلاً، غدا كلاهما الآن مسناً، لكن سعيداً في كوكب آخر غير الأرض، في القمر. هل يمكن أن نشعر بأنفسنا وبالسعادة الحقيقية، في زمن ومكان آخرين غير كوكبنا؟ لعل تلك هي إشارات فيلم بشارة الجديد.

يُعد «ليلة في القمر» من أحسن الأفلام التي عرضت أخيراً، نراه يتصدر مع «جنينة الأسماك» ليسري نصرالله أفلام النصف الأول من 2008 في مصر.

لكن للأسف، كاد أن يمر مرور الكرام، لم يلق ما يستحق من اهتمام حتى من قبل متذوقي السينما الجادة ونقادها.

عموماً، نحن سعداء بعودة سينما خيري بشارة، الذي أسس لموجة وإحساس جديدين مع رفاقه الكبار منذ بدايات الثمانينات، قدم أعمالاً سينمائية متميزة من بينها: «العوامة 70»، «الطوق والإسورة»، «آيس كريم في جليم»، «كابوريا» «أمريكا شيكا بيكا»... وغيرها.

أبدع في هذه الأفلام على تنوُّعها واحترم فنه ونفسه وجمهوره، برهن أنه دائم التجدد والإقتحام. ها هو يثبت بفيلمه الجديد أننا نحتاج إلى أمثاله حقاً، إلى فن راق بكل هذا القدر من الجدية والإخلاص والرهافة.

back to top