Ad

إن إيجار شاليه في منتجع سياحي كويتي يضم غرفتين لا يقل عن 150 ديناراً أي بكلفة مقدارها 600 دينار لمدة أربع ليالي! فأين التنافسية؟ وكيف يمكن استقطاب ما يعرف بالسياحة الداخلية وفي ذروة موسم السفر؟

رفعت الحكومة شعار السياحة الداخلية منذ سنوات وتم استحداث بعض القطاعات الإدارية المتخصصة في هذا الشأن، وأطلقت مسميات قيادية لشخصيات إعلامية بارزة لتفعيل هذا النشاط، ولكن كعادة الحكومة فقد أنفقت الأموال الطائلة وسط وعود براقة كانت نتيجتها أن تم «التكويش» على مرافق حيوية من قبل أشخاص أو شركات احتكارية باسم السياحة، وجني المبالغ الهائلة على حساب سمعة البلد في النشاط السياحي الذي وصل إلى دون مستوى الحضيض.

وهذه مناسبة مهمة لطرح موضوع السياحة، ونحن على أبواب الإجازة الصيفية والهجرة الجماعية الكويتية عبر العالم، وفي عهد وزير نشيط يتولى حقيبة وزارة التجارة، وقد حمل على عاتقه مواجهة غلاء الأسعار.

وعلى الرغم من أهمية التصدي للارتفاع الجنوني لأسعار المواد الحياتية الأساسية والقوت اليومي للمواطن، وضرورة اتخاذ حزمة من القرارات والسياسات الكفيلة بمواجهة هذا الغول الجشع، فإنه من المناسب أيضاً إثارة ما يحدث باسم السياحة الداخلية من دون حسيب ورقيب.

فعلى سبيل المثال تعج الإعلانات التجارية بعروض السفر إلى مختلف دول العالم وبأسعار معلنة لا تتجاوز الـ500 دينار للشخص شاملة تذاكر السفر والإقامة في فنادق الخمس نجوم وبوفيهات الإفطار والغداء والعشاء وزيارة الأماكن السياحية والنقل الداخلي، وفي المقابل نجد أن إيجار شاليه في منتجع سياحي كويتي يضم غرفتين لا يقل عن 150 ديناراً أي بكلفة مقدارها 600 دينار لمدة أربع ليالي!

فأين التنافسية في ذلك؟ وكيف يمكن استقطاب ما يعرف بالسياحة الداخلية وفي ذروة موسم السفر؟ وقد يقول قائل إن المسألة هنا اختيارية ولا يرغم أحد قضاء «ويك إند» في المنتجعات الكويتية، فلماذا هذا النقد أو الحسد في أرزاق الناس؟!

والإجابة هنا لا تتعلق بالرسوم التي تحددها الفنادق والمتنزهات، فهذا شأنها في ظل اقتصاد حر، ولكن الأمر يتعلق بالشعارات التي نرفعها وهي في معظم الأحيان خاوية ومزيفة وتصل إلى حد السخرية والكل ينادي بتحويل البلد إلى مركز تجاري ومالي واستثماري إقليمي!

ونقول في هذا الصدد للزميل الوزير باقر إن هناك قطاعاً مهماً باسم السياحة في وزارة التجارة يضم خيرة أبناء وبنات الكويت، وقد أعدوا الكثير من الدراسات والمشاريع التي اطّلعت على بعض منها، وأجدها جديرة بأن تتم رعايتها والاهتمام بها، وترجمتها على أرض الواقع، وهي بالمناسبة أفكار مستمدة من أحدث النظريات والرؤى العصرية لمفهوم السياحة، وقد كيّفت الخصوصية الكويتية والنموذج المحافظ البعيد عن أشكال الميوعة واللهو الزائف، وتضم إلى جانب الترفية والاستجمام ترسيخ القيم العائلية والتعددية في الاستفادة على مستوى الأطفال والشباب والكبار في آن واحد.

ونتمنى من الوزير «بو محمد» أن يخرج مثل هذه المشاريع من أرشيف الوزارة المجمد ويعطيها فرصة جدية في موسم الصيف، وتكييفها بالشكل الذي يساهم في تشجيع السياحة ليس فقط لأهل الكويت بل للعوائل الخليجية، ويخدم الاقتصاد الوطني، فالرجل لا تنقصه الخبرة في إنجاح هذه التجربة على أكثر من صعيد اجتماعياً واقتصادياً.