مازال نجاح حوار الدوحة يكشف الكثير من العورات التي يحاول البعض إخفاءها... إذ تحدث سياسي خليجي وأعلن أن نجاح حوار الدوحة هو نجاح للسياسة الخليجية المتميزة، ودليل على صواب رؤيتها وقدرة مجلس التعاون في التصدي للمشكلات والأزمات العربية!

Ad

وبعدها انطلق بعض الإعلاميين الخليجيين في ترديد نفس المقولة وتكرار الفكرة أملا في إقناع المواطن العربي بها.

عجباً الآن قطر تمثل السياسة الخليجية! اليوم تعتبر واجهة مجلس التعاون السياسية! قطر التي لم تسلم يوما من التجريح والتشكيك الخليجي والاتهام بأنها تحاول أن تلعب دوراً أكبر من حجمها، هكذا فجأة أصبحت رمزا ومثلا للسياسة الخليجية.

للأسف يراهن الساسة العرب وتوابعهم من الإعلاميين على ذاكرة المواطن العربي معتقدين أنها تحت وطأة ما يعانيه من ظلم وطغيان سريعة النسيان، قصيرة الأجل، وإذا تذكر فلا قدرة له ولا حيلة عنده في رفض ما يقولونه أو الاعتراض عليه. ومنذ أن تولى أمير قطر الحالي الحكم بأسلوب استثنائي لم يعتد عليه الخليج وجميع قادة الخليج ينظرون بحذر وترقب وخوف من التجربة القطرية وانتشار عدواها، ولكن كان حاكم قطر من الحكمة بحيث تفهم هذا الشعور وامتص غضب الجميع، ولم يحاول التباهي بتجربته والتفاخر بها، بل اهتم بشؤون بلده وأخذ يعمل على تطويرها، وبعد أن اطمأن إلى الوضع الداخلي بدأ يفكر كيف يمكن أن يكون لقطر دور مؤثر في الساحتين العربية والدولية؟ ونظر حوله فوجد الزعامة الدينية مقصورة على الشقيقة الكبرى والريادة الاقتصادية حكراً على الجار، فقرر أن تكون القيادة السياسية مسؤولية قطر المستقبل، ولعلمه أن السياسة ترتكز على الإعلام كداعم أساسي لها بدأت قناة الجزيرة الفضائية التي، ورغما عن كل المشاكل التي تواجهها ورفض البعض لها، تعتبر القناة الإخبارية والسياسية الأولى في الوطن العربي، وآمن حاكم قطر بأن صداقته للولايات المتحدة هي السبيل الوحيد للسماح له بلعب الدور الذي يريده، فسمح بوجود أكبر قاعدة عسكرية لأميركا في المنطقة على أرض قطر... ولما تأكد من الدور الإعلامي لـ«الجزيرة» والدعم الضمني للولايات المتحدة بدأ في بناء السمعة السياسية لقطر من خلال تدخله في حل مشاكل دول الجوار، ورغم رفض البعض -خصوصا دول الخليج- واتهامهم له بأنه يلعب دورا أكبر من قدرته فإنه واصل دوره بهدوء وصبر، وبالفعل نجحت قطر وأميرها في إيجاد دور إيجابي لها في المنطقة وتوّجته بحوار الدوحة، وقريبا ربما يكون لها دور مؤثر جدا في حل قضية العرب الأولى «فلسطين سابقا».

لذلك فمن العجيب أن يأتي الآن من يدعي أن نجاح قطر هو نجاح لسياسة منظمة إقليمية أو تعبير عن صدق رؤيتها، فهذا أشبه بتبني طفل معلوم النسب فهل يقبل أحد بذلك؟

إن نجاح قطر في حوار الدوحة يحسب لها فقط، ولا يمكن لأحد تبنيه لا مجلس التعاون ولا المبادرة العربية ولا الجامعة العربية نفسها التي راوحت مبادرتها بين الإخفاق والفشل، ولو استمر السيد عمرو موسى في رحلاته المكوكية لسنوات لما وصل إلى شيء، كما أن وجود 8 وزراء خارجية عرب في الدوحة لم يكن له –وعذرا- أي قيمة إضافية، فهو وجود شرفي وبروتوكولي ليس أكثر.

إذا كان اتفاق الطائف سعودياً بامتياز ونجح في لم شمل اللبنانيين بعد الحرب الأهلية، فلماذا لا يكون اتفاق الدوحة قطرياً خالصاً؟! ولماذا يحاول البعض تبنيه واستعماله كورقة توت يداري بها فشله وعجزه وانحيازه.