وجهة نظر سينما التفاصيل الإنسانيَّة الدقيقة

نشر في 09-06-2008
آخر تحديث 09-06-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين بعد فيلمهما الأول «هو النهارده إيه»، يقدم المخرج سامح الشوادي والمؤلف ماهر زهدي تجربة سينمائية جديدة بعنوان «نجاملكم في الأفراح»، يتابعان من خلالها رصد العلاقات الإنسانية بكل ما فيها.

وإذا كان «هو النهارده إيه» صوِّر، عبر تفاصيل إنسانية دقيقة وغير مباشرة، طبيعة العلاقة بين مسلم (كمال أبو رية) ومسيحي (حسن عبد الحميد)، مبيناً أن ما يجمعهما أكثر بكثير مما يفرقهما، يرصد الفيلم الجديد «نجاملكم في الأفراح» طبيعة العلاقة بين كريمة (دلال عبد العزيز) وشقيقها عزمي (إبراهيم يسري) من ناحية وبينهما والآخرين من ناحية أخرى.

في بداية الفيلم، نلاحظ توتراً وعصبية من قبل الشقيقين، خصوصاً عزمي، عندما انفعل لتأخر الخادمة في تقديم إفطار الصباح، ولغيره من الأحداث الأخرى. لا نلبث أن نرصد توتراً آخر يصل إلى حد التنافر المتبادل والكامل بين عزمي ووالد العروس وهي حفيدة شقيقة لهما كانا يستعدان لحضور زفافها.

في الزفاف، تصادف كريمة شخصاً لم تلتقِ به منذ سنوات (محمد مرزبان)، كذلك يلتقي عزمي سيدة لم يشاهدها منذ زمن (عزة بهاء). يبدو التأثر واضحاً على هذه الشخصيات الأربع في الحفلة وبعدها، إنه الحب القديم والعارم الذي لم يتحقق، ما زال حباً متعذراً وبعيد المنال. فضَّل الشقيقان التضحية بحياتهما في سبيل العائلة، اكتفيا، كما يرددان في المشهد الأخير، بالوقوف مع أفرادها في أفراحهم وأحزانهم (نجاملكم في الأفراح) وبالمواساة القلبية الصادقة والمساندة باستمرار.

إنهما شخصان نبيلان، لكن سُرق منهما العمر وعيش الحياة، كما تقول الأغنية في الفيلم والتي تمتعت برهافة المشاعر (أمر غربة... غربتك عنك... لما سنينك... تنسرق منك)، وهي أغنية لحنها أحمد الحناوي وغنتها حنان ماضي.

تضافر لتقديم هذه الحالة الإنسانية، عبر المفردات والتعبيرات الدقيقة، تصوير محمد الصعيدي ومونتاج محمد عادل وديكور يثرب عبد الله وموسيقى وائل عوض.

أجاد الممثلون، من بينهم دلال عبد العزيز النجمة والممثلة المتميزة، ومفيد عاشور الممثل القدير الذي لم ينل أدواراً كافية لتقديم موهبته كما تستحق، كذلك كان ابراهيم يسري في أحسن حالاته.

لعل مشكلة الممثلين، خصوصاً في دور الشقيقين، أنهما ظهرا في حال وصحة تغريان على البدء من جديد، حتى في هذه السن، وعلى الزواج، وأن السنين التي سرقت من العمر يمكن تعويضها، فلا يكتفيان بنبل التضحية والإنصراف إلى الذكريات والمجاملات في الأفراح أو مواساة الغير ومساندتهم، مع نكران تام للذات وللاحتياجات.

المشكلة الأخرى في الفيلم هي إدراك المشاهد على نحو متأخر نسبياً أن البطلين هما شقيقان، جعلت المشاجرة بسبب الإفطار في بداية الفيلم وما أعقبها من مواقف المتلقي يتصور أنهما زوجان، قد يكون هذا مقصوداً لادخار المفاجآت التي لا تعتبر كلها محبذة، أو تساعد في االتفاعل مع الفيلم وإيصال رسالته.

نظن أن تلك، كانت مشكلة الدراما والمعالجة في «ألوان السما السابعة» من إخراج سعد هنداوي وتأليف زينب عزيز، وهو من أبرز أفلام هذا العام في السينما المصرية، اذ لم نعرف حقيقة البطلين (ليلى علوي وفاروق الفيشاوي) وطبيعة عملهما إلا قبيل منتصف الفيلم، فهي مومس وقد تابت أخيراً وهو كان يبيع جسده لنساء في مقابل المال.

يدفع التأخر الزائد في إيضاح هذه المعلومات الأساسية، (خصوصا في دراما الأعمال الواقعية) المتفرج إلى التصور وتكوين انطباعات معينة لمدة طويلة، يتضح له في ما بعد أنها كانت كلها مبنية على أساس خاطئ، ما يحد من عملية التلقي على نحو صحيح، بل يؤدي إلى قدر من التشويش أو الإعاقة عن التفكير في ما هو أكثر جدية من «لعبة المفاجآت» تلك!

back to top