يقولون... عمره 3 سنوات فقط!

نشر في 23-05-2009
آخر تحديث 23-05-2009 | 00:00
 حمد نايف العنزي المطرب «محمد فؤاد» يقول: «الحب الحقيقي... بيعيش يا حبيبي»! وأنا... والعلم في شك كبير مما يقوله ويدعيه!

فهل هناك فعلا حب حقيقي يعيش ويستمر ويزداد يوما بعد يوم، أم أنه موجود فقط في الروايات التي نقرؤها، والأغاني التي نسمعها، والأفلام التي نشاهدها؟! وهل عبارة «حب للأبد» التي خطها ولايزال يخطها العشاق على كل جدار وشجر وحجر حقيقة واقعية، أم هي خيال ووهم يعيش ويعشعش في رؤوس متعبة وقلوب معذبة فقط؟! وهل كان الحب العظيم حقا موجودا في ما مضى، ثم اختفي اليوم من حياتنا، واختفى معه الوفاء والإخلاص لمن نحب حتى آخر لحظات الحياة؟

هل تصلبت قلوب الناس حديثا، وضعفت ذاكرتهم، وصار من السهل على أي منهم أن ينسى اللحظات العظيمة في حياته، والسنوات الغالية من عمره... وهي كل عمره وأجمل أيام حياته، يلغيها في لحظات، ويمسحها من ذاكرته، هي ومن عاشها لحظة بلحظة معه، ليبدأ حبا جديدا، يستمر لأيام أو شهور أو سنين لينتهي أيضا، ويبدأ من جديد... حبا جديدا آخر؟!

نظرة بسيطة على إحصاءات الزواج والطلاق في الأعوام الأخيرة، تعطينا فكرة واضحة عن أن الحب في حياة الإنسان قد تحول إلى رحلة في طائرة أو قطار، اثنان يلتقيان بعض الوقت، ليسعدا مع بعضهما بعض الوقت، ثم يفترقان لأي سبب، ولأهون سبب في كثير من الأحيان، وعلى كل منهما أن يكمل الرحلة وحده أو برفقة آخرين... بعد أن أخذ نصيبه الكافي من الحياة مع الآخر!

وينتهي كل شيء بسهولة ويسر... ولا هو زعل على العشرة الطيبة... ولا هي زعلت، والأمر طبيعي وعادي جدا، والروح الرياضية مطلوبة في مثل هذه الظروف! ومعنى هذا أن علاقاتنا الإنسانية أصبحت هينة رخيصة عابرة، وعلى كل منا ألا يفرح بشيء لأنه قد يفقده سريعا، وألا يبكي أبدا على فقده، فالبكاء لن يغير من الأمر شيئا، وما راح راح، «هاردلك»، تعيش وتنسى غيرها، والدنيا كلها إلى زوال، والله جاب الله خذ... والله عليه العوض... فيها وفي عشرات غيرها أو غيره!

ولا تقلق أو تقلقي... فالعلماء يرون أن هذا سلوك طبيعي، وأن الحب الفعلي عمره لا يتجاوز ثلاث سنوات، وأن ما نشعر به من تسارع لدقات القلب والإحساس بالتحليق عالياً في السماء، والسعادة التي لا توصف في الأيام الأولى للحب، ليست سوى أعراض جسدية ونفسية طبيعية سببها زيادة الإفراز في بعض هرمونات المخ، التي تخف تدريجيا بمرور الزمن لتصاب العلاقة بالفتور، وتبدأ مواويل الهم والغم والنكد واكتشاف العيوب والأخطاء في الحبيب الذي كان كاملا مكملا يوما ما... لينطق اللسان كلما رأى خلقته «كانت ساعة مهببة يوم ما شفتك... وحبيتك»!

تقول الدكتورة «لوسي فانسون» في كتابها «كيف يحدث الحب؟!»: المخ هو المتحكم الرئيسي بالحب الذي يعيش فترة محددة تختلف من شخص إلى آخر، لكنها لا تتعدى الثلاث السنوات في أحسن الحالات، حيث يخف إفراز الهرمونات المحفزة على الحب شيئاً فشيئاً... لينتهي شيئا فشيئا!

وفي كتابه «الحب يدوم ثلاث سنوات» يقول الكاتب الفرنسي «فريدريك بايغبيد»: ترى كل شيء جميلا في البداية، حتى نفسك، وتبقى مولعاً وعاشقاً طيلة العام، وفي السنة الثانية، تتغيَّر الأمور بعض الشيء، حيث يستقر الحنان مكان العاطفة الجياشة، ولكن مع نهاية العام الثالث يختفي كل شيء!

ويؤكد الباحث الاجتماعي الأميركي الدكتور «ويليام روبسون» صحة كلام زميليه حين يقول: الحب يعيش مدة محدودة لا تتجاوز الثلاث السنوات، ثم يخفت ويختفي شيئاً فشيئاً مع اختفاء المسببات البيولوجية، فكيمياء المخ التي تسيطر على مشاعر الحب لا تدوم أكثر من ثلاث سنوات، وكأنها بطارية أفرغت من الطاقة تماماً!

لكن الدكتورة «لوسي فانسون» تحاول في نهاية كتابها «ترقيع» الموضوع، وعدم إشاعة اليأس بين المحبين بقولها: يمكن تحفيز إفراز هرمون الأوسيتوسين الذي يزيد من مشاعر الحب، إذا عرف الزوجان كيف ينميان علاقتهما من خلال الكلام الجميل، والحوار البناء، والتعامل اللطيف، والعودة بالذاكرة إلى أيام التوهج الأولى!

يبدو لي أنها «ترقيعة» غير موفقة من الدكتورة، فهي لن تعيد لهما حبهما السابق أبدا، إنما ستساعدهما على الصمود في خلقة بعضهما مدة أطول ليس إلا!!

back to top