السعدون والخرافي كلاكيت سادس مرة
منذ مجلس أمة 96 يتكرر الحديث بعد كل انتخابات عن الصراع على رئاسة مجلس الأمة بين أحمد السعدون وجاسم الخرافي، وفي كل مرة يدور الحديث عن الشخصية الأنسب لرئاسة المجلس: السعدون أم الخرافي؟ إذا رجعنا إلى أول مرة ترشح فيها الخرافي عام 96 لمنافسة السعدون على الرئاسة كان من الواضح أن هناك دعما حكوميا قويا للخرافي بدعوى التخلص من مناكفة السعدون للحكومة، واعتبار أن رئاسة السعدون عنصر تأزيم دائم، وكانت حجة الحكومة في دعم الخرافي أن وصوله إلى الرئاسة سيعمل على تهدئة الأمور مع مجلس الأمة.
استمرت الحكومة بمعاونة النواب المحسوبين عليها في دعم الخرافي لمنصب الرئاسة في المجالس الأربعة التالية وهي مجالس 1999، 2003، 2006، 2008، وقد نجحت في المرات الأربع هذه في إيصاله إلى الرئاسة بنفس الحجة، وهي جعل المجلس أكثر «مسالمة»، لكن حل مجالس الأمة الثلاثة السابقة أثبت فشل مقولة إن وجود الخرافي يحد من شراسة مجلس الأمة تجاه الحكومة، فالخرافي ورغم كل ما بذله من جهد لتخفيف حدة المواجهة بين المجلس والحكومة لم ينجح في تجنيب مجلس الأمة الحل المتكرر، وبحساب الأرقام فإن مجلس الأمة تم حله في ظل رئاسة السعدون مرتين، في حين تم حله ثلاث مرات في ظل رئاسة الخرافي.الصراع بين السعدون والخرافي على رئاسة المجلس ليس مجرد صراع نابع من طموح شخصي فحسب، وإن كان هذا موجودا على الأرجح، فكل نائب له الحق في التطلع إلى منصب الرئاسة، إنما صراع السعدون-الخرافي هو في حقيقته صراع في المنهج وصراع في المشروع السياسي، فالسعدون وطوال أكثر من ثلاثين سنة في مجلس الأمة مثل رأس الحربة في المعارضة حتى عندما فقد كرسي الرئاسة، وكان دوماً يمثل الند للحكومة والمدافع الشرس عن الدستور وعن صلاحيات مجلس الأمة التي دأبت الحكومة دوماً على محاولات القفز عليه أو تهميشه أو حتى التخلص منه، بينما الخرافي طوال فترة رئاسته ظل يمثل الطرف الأقرب إلى توجهات الحكومة، حتى إن وجه في مرات عدة انتقادات لاذعة للأداء الحكومي في مناسبات مختلفة، وبشكل خاص لحكومات الشيخ ناصر المحمد الخمس السابقة، التي وصل انتقاد الخرافي في إحداها إلى إثارة تصريحات حادة متبادلة بينه وبين الشيخ ناصر المحمد على صفحات الجرائد، ولكن في كل مرة كان يتم تسوية الأمر ودياً، وتعود الحكومة لدعم الخرافي في انتخابات الرئاسة مرة أخرى، ومن المتوقع ألا يختلف هذا المشهد يوم الأحد القادم، حيث يتوقع أن يصل الخرافي إلى الرئاسة بكل يسر، إلا إذا حصل ما لم يكن بالحسبان. إذا كانت مقولة إن وجود الخرافي في الرئاسة أفضل للحكومة قد أثبتت فشلها فمن الأفضل للحكومة أن تظل على الحياد لاسيما في ما يخص انتخابات الرئاسة، وتترك للنواب اختيار الرئيس الذي يريدون، وربما يكون من الأفضل للمجلس أيضاً أن يكون هناك رئيس مجلس أمة جديد، حتى لا يبدو وكأنه قدر محتوم أن تكون الرئاسة إما للسعدون وإما للخرافي.***تعليق: أعتقد أن تصريح سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد بأنه سوف يواجه أي استجواب يُقدم له مستقبلاً يؤذن بنهج حكومي جديد طالما طالب به الكثيرون، وهو ضرورة امتلاك الشيخ ناصر القدرة على مواجهة الاستجوابات التي تقدم له سواء أكانت مستحقة أم عبثية، حتى لا يتعرض من قبل أحد للابتزاز بسبب عدم رغبته في صعود المنصة، فالحكومة وفي مقدمها رئيسها يجب أن تدافع عن قراراتها وسياستها، بدلاً من تكرار الهروب من الباب الخلفي إما بالاستقالة وإما بحل مجلس الأمة. صحيح أن هذا التصريح يدفع إلى التفاؤل بنهج حكومي جديد، ولكننا لن نغرق في التفاؤل حتى نرى ما تسفر عنه تركيبة الحكومة القادمة، لأن حكوماتنا السابقة المتتالية اكتسبت صفة الحكومة «الكرتونية» التي سرعان ما تنهار، بنفس مقدار كونها حكومة «تجفل من صفير الصافر». ولعلنا نتذكر أنه مع كل بداية حكومة جديدة يبدي بعض الوزراء بعض القوة المصنعة في مواجهة النواب، فيقال إن وزراء الحكومة الجديدة «شاربين حليب سباع»، لكن سرعان ما يتبين أنهم «شاربين حليب نيدو». باختصار المطلوب حكومة ذات رؤية، أعضاؤها أصحاب قرار من طراز رجال دولة، حكومة قادرة على الدفاع عن قراراتها حتى لو أدت إلى المساءلة. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء