سيئات الحل الدستوري
لا يمكن على الإطلاق أن نتصور بأنه، وبعدما جرى شحن الساحة السياسية وحقنها بهذا العنف اللفظي، والصعود بها إلى تلك المستويات الحرجة، حيث اختل الضغط الأخلاقي وقل أوكسجين الأدب، أن تأتي الندوات الانتخابية مزدانة بالألفاظ المنعشة النقية، ومزخرفة بالأفكار الإصلاحية الحكيمة.نعم، لا خطأ في العنوان، فسأتحدث عن سيئات الحل الدستوري، ولكن قبل أن يفهم أحدٌ ممن سيتوقفون عند رأس المقال بأني أريد الحل غير الدستوري، سأبدأ بالقول الواضح بأن الحل غير الدستوري أسوأ من الحل الدستوري دون أدنى شك لكونه سيقفز بالبلد إلى مجهول لا يعلم على وجه اليقين ما في أبعاده من مخاطر إلا الله!
مقالي اليوم يأتي لأن كل الزملاء تباروا في الكتابة عن مخاطر الحل غير الدستوري، لكن لم يتناول أي منهم سيئات الحل الدستوري، فوجدت أن من الضروري أن أتناولها وأكتب عنها، أو عن واحدة من أبرزها حتى أكون دقيقا، علها تكتمل الصورة عند القارئ والمتابع.بعد هذه الأشهر المتطاولة من الأزمات المتتالية كعربات القطارات، والتي غُلّفت (بضم الغين) بتأجيج إعلامي لم نشهد له في تاريخنا مثيلا، ذلك التأجيج الذي انطبع بتجاوز كل المألوف والمقبول في أساليب النقد والمعارضة، وعج باستخدام أسوأ وأردأ الألفاظ والعبارات، بات من الأكيد أن الانتخابات المقبلة التي ستعقب الحل الدستوري، إن هو حصل، ستكون ذات نكهة مختلفة، وهذه النكهة لا يمكن تصنيفها على النكهات الجميلة بحال من الأحوال! أقول هذا لأنه لا يمكن على الإطلاق أن نتصور بأنه وبعدما جرى شحن الساحة السياسية وحقنها بهذا العنف اللفظي، والصعود بها إلى تلك المستويات الحرجة، حيث اختل الضغط الأخلاقي وقل أوكسجين الأدب، أن تأتي الندوات الانتخابية مزدانة بالألفاظ المنعشة النقية، ومزخرفة بالأفكار الإصلاحية الحكيمة.ستكون الندوات الانتخابية نسخة مشابهة مما يجري اليوم ويثار في الساحات، بل ستكون أشد ضراوة وأكثر عنفاً وشراسةً في استعراض واستخدام وسائل الهجوم والنقد والخروج عن كل مباح، لأجل حصد التأييد الجماهيري وتكثير الأصوات كعادة المرشحين في تلك الظروف!نعم يا سادة، لا شك أننا سنعايش حفلة مجنونة ستعج بكل ما يتصوره وما لا يتصوره العقل والمنطق! لكن الغريب حقا، أن من أوصلونا إلى حالة الاختناق هذه، أو لنقل في مقدمة هؤلاء حتى لا نثير حفيظة أحد، وذلك عبر أسلوب طرحهم وطريقة نقدهم التي لوثت وجه الممارسة السياسية الذي كان أبيض، وشوهوه بهذه الطريقة هم ممن يحسبون أنفسهم على المدافعين عن الدستور والواقفين في وجه الفساد، وهذه مفارقة عجيبة مضحكة مبكية!طال الزمان أو قصر، سنتجاوز هذه الأزمة بإذن الله، لكننا وللأسف، لن نستطيع خلال فترة قصيرة أن نصلح من شكل الممارسة السياسية وطريقة السجال الإعلامي الذي تم تشويهه وتلويثه أمام نواظرنا وعزفنا عن التصدي لذلك!