Ad

وفيات الخطأ الطبي تتضاعف سنة تلو الأخرى عالمياً، ويرجع ذلك إلى تشعب مفهوم الرعاية الصحية وعدم اقتصاره على قدرة الطبيب وحده، إذ يشمل عوامل أخرى كثيرة نفتقدها في دول العالم الثالث.

تفتك «الاخطاء الطبية» المرتبطة بالرعاية الصحية مريضا واحدا من كل 10 مرضى بشكل سنوي عالميا، ويشكل لفظ الخطأ الطبي «بعبعا» مخيفا للكادر الطبي، اذ تصعب على العامة من الناس معرفة ماهية هذا اللفظ، ويختزل عند عامة الناس في مقولة اهمال الطبيب او فشله وضعف مهارته، وشيوع هذا اللفظ يخيف الاطباء لانه يسيء الى سمعتهم وتاريخهم وشرف مهنتهم، غير ان الاسباب التي تؤدي الى الوفاة ربما لا ترتبط مباشرة بأداء الطبيب، لاسيما اذا عرفنا ان «الرعاية الصحية» كمفهوم تُعد نظاما متكاملا يشمل الطبيب والمهن المعاونة له، والبيئة الادارية والتنظيمية والقانونية، والامكانات المادية للبيئة الصحية في البلد الذي يقع فيه الخطأ الطبي. فما هو الخطأ الطبي، وما تعريفه؟

تعريف الخطأ الطبي

يعرف البعض مفهوم الخطأ الطبي بانه انحراف عن السلوك الطبي المعتاد، ويتفرع هذا الانحراف الى نوعين، يتمثل الاول في التقصير بمعنى الاخلال بالتزام قانوني، أما الثاني فهو عقدي، بمعنى الاخلال بالتزام عقدي. والاول يتطلب بذل عناية محددة للمريض، والتقصير فيها يعد انحرافا، بينما يتطلب الثاني تحقيق نتيجة معينة لعملية طبية مع التزام بذل عناية، وأي اخلال بهذين الشرطين يؤدي الى انحراف عقدي، ومن ثم إلى خطأ طبي. وبشكل عام، حتى يحدث ما يسمى بـ «الخطأ الطبي» فإن هناك عددا من العناصر الواجب توافرها وهي: عدم الالتزام بالقواعد المتعارف عليها في مهنة الطب، وتجاهل او اهمال موجبات الحيطة والحذر، والتراخي في بذل عناية واجبة، وعدم الانسجام بين ما يسمى بالعلاقة المسبقة لاجراء العملية الطبية بين المريض والطبيب من جانب، والنتيجة السلبية الحاصلة بعدم اتمام العملية من جانب آخر، وتتنوع درجات الخطأ بين ما هو متعمد وما هو نتيجة للاهمال.

شروط الوقاية من الأخطاء الطبية

وفي تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية في مايو 2007، حددت تسعة شروط جاءت بمنزلة حلول للوقاية من الاخطاء الطبية، وهي: عدم الخلط بين الادوية المتشابهة، من حيث الشكل واللفظ، وتحديد هوية المرضى، وتوفير جميع المعلومات الخاصة بالمريض عند احالته، واداء الاجراء الجراحي الصحيح في الموضع الجسمي الصحيح، ومراقبة تركيز المحاليل، وضمان ملاءمة الادوية المقدمة في جميع مراحل الرعاية الصحية، وتلافي الخلط بين الاسلاك الدقيقة (القثاطير) والانابيب، واستعمال ادوات الحقن مرة واحدة فقط، وتحسين نظافة اليدين للوقاية من أنواع العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية.

إجراءات متابعة الخطأ الطبي

وتفشل بعض الدول -خاصة في العالم الثالث- في التخفيف من اعداد وفيات الخطأ الطبي. ولعل اهم اسباب الوفيات في هذه الدول يرجع الى ضعف الرعاية الصحية، او الوصول الى المراكز الطبية متأخرا، او نقص الامكانات، وعدم توافر المعلومات والاحصاءات عن الاخطاء الطبية واسبابها.

وهناك اجراءات واحترازات عامة يمكن الاخذ بها للحد من الاخطاء الطبية المفضية الى الموت، فيجب بدءا ان تحكم المنظومة القانونية الراعية لمهنة الطب في البلد المعني، بحيث تحفظ حق كل من المريض والطبيب، وترتب على الطرفين ايضا واجبات يؤدي الاخلال بها الى عقوبة منصوص عليها. وثانيا يجب ان تقوم الدوائر الصحية الرسمية برصد كل الاخطاء الطبية، ومعرفة اسبابها ضمن بيئة العمل الصحية السارية. وثالثا، العمل وبذل الجهد لتوفير التخصصات الطبية الناتجة عن تطور علوم الطب والتكنولوجيا المساعدة لمهنة الطب، كالتخدير وجراحة العظام وطب الاطفال وغيرها من التخصصات. ورابعا، وهو الاهم والاصعب معا، نشر الوعي الصحي بين افراد المجتمع بشكل مؤثر وواع.

البحث عن التطوير

ولا يغني كل ما سبق عن ابتكار بعض الاساليب والاجراءات التي من شأنها تعزيز فرص المرضى في الخروج اصحاء من المشافي. ولعل فكرة «الفريق الطبي للاستجابة السريعة» التي اعتمدت في «18 مستشفى» بالولايات المتحدة الاميركية خير دليل على مثل هذه المبادرات الخلاقة، حيث تم تشكيل مثل هذه الفرق من متخصصين ومتفرغين من ذوي المهارة، بحيث يكونون موجودين طوال اليوم ضمن انظمة ادارية عالية الجودة، وقد ادى هذا النمط من الاداء الذي دشن عام 2004 الى الرقي بمستوى الرعاية الصحية في المستشفيات التي طبقته.

الخطأ الطبي في الكويت

لا توجد ارقام رسمية معتمدة من قبل وزارة الصحة بشأن نسبة الاخطاء الطبية في دولة الكويت، غير ان معلومات غير رسمية كشفت ان حجم هذه الاخطاء وصل الى 5%.

وتشير مصادر طبية محلية الى ان اسباب الاخطاء الطبية تتمحور في الغالب حول الجهل بتاريخ المريض الصحي، واهمال الفحوصات الطبية كالاشعات والتحاليل، وعدم اتباع الاساليب المهنية المتعارف عليها طبياً في بعض العمليات الجراحية او عمليات التوليد، اضافة الى الاخطاء في التخدير.

وينجم عن الخطأ الطبي ثلاث مسؤوليات: اولاها الجنائية، ثم المدنية وأخيرا التأديبية. ولا تعتمد الكويت نظام اللجان المحايدة في كشف اسباب الخطأ الطبي، اذ يلزم ان تكون هيئة الفحص في الشكاوى محايدة. وتشترك ثلاث جهات في حل الموضوع المتسبب في الخطأ الطبي، وهي وزارة الصحة والادارة العامة للأدلة الجنائية والقضاء.

القوانين المنظمة لمهنة الطب في الكويت

بتاريخ 28 يونيو 1960 صدر القانون رقم 23 لسنة 1960 بمزاولة مهنة الطب البشري وطب الاسنان في الكويت. وصدرت بعد ذلك اربعة قوانين متعلقة بمزاولة بعض المهن، لمهنتي الطب البشري وطب الاسنان وهي: القانون رقم 24 لسنة 1960 بمزاولة مهنة التوليد، والقانون رقم 31 لسنة 1960 بتنظيم مزاولة مهنة تجهيز النظارات الطبية وبيعها في الكويت، والقانون رقم 32 لسنة 1960 بمزاولة مهنة التدليك الطبي، والقانون رقم 23 لسنة 1964 بمزاولة مهنة التمريض.

صور الخطأ الطبي

تتعدد صور الخطأ الطبي بصفة عامة لتأخذ كثيراً من الاشكال والنتائج. ومن بين تلك الصور المعهودة والمتداولة ما يلي:

الامتناع عن معالجة المريض - الخطأ العلمي في ترجيح رأي على آخر في مسألة التشخيص - الخطأ في وصف العلاج - اجراء عملية طبية لهدف مغاير لغرض الشفاء - اخطاء التخدير التي لا تأخذ حالة المريض في الاعتبار - اخطاء التوليد التي تتحدد مسؤوليتها منذ بدء عملية الحمل - اخطاء الجراحة العامة والتجميلية.