ماذا يحدث في كلية التربية؟
هناك شبكة عنكبوتية في جامعة الكويت تسرح وتمرح غير مبالية بأي نقد أو رصد للمعلومات، كل ذلك في ظل وجود لجنة تحقيق برلمانية على مدى فصلين تشريعيين للبحث في تجاوزات هذه الإدارة ومنها ما يحدث في طريقة اختيار مَن يفترض أنهم أساتذة هذا الصرح العلمي مستقبلاً.
بعض القصص لا يمكن تصديقها إلا في الكويت، وخصوصاً في جامعة الكويت التي يبدو أنها تتحدى أي نقد وتصر على المكابرة و«التفنن» في التجاوزات، بل والتمادي إلى أبعد الحدود، ولا أبالغ في القول إن محاباة السيدة وزيرة التربية لبعض القياديين في مؤسسات التعليم والتستر على مخالفاته وضربه لقيم التربية والمعايير الأكاديمية ومواجهة مجلس الأمة نيابة عنه قد ساهم إلى حد كبير في استمراء هذا النوع من الخطأ والخطيئة.ومن أحدث هذه القصص العجيبة والجريئة «الطبخة» التي أوشكت على الانتهاء في كلية التربية لابتعاث أحد الطلبة للدراسات العليا على حساب طابور من المتفوقين علمياً وأكاديمياً ومن بينهم الطالب الأول على دفعته، بل على مستوى الكلية بأقسامها العلمية جميعها.وإلى هنا، فإن الغرابة في هذه القصة لم تبدأ بعد، فهذا الطالب المميز يمتلك أفضلية على زملائه، وهي صلة القرابة بأحد رؤساء الأقسام العلمية في الكلية، كما يتفوق عليهم بحصوله على الماجستير من دولة عربية لا أدري إذا كانت الكلية قد بعثت في تاريخها معيديها للدراسة فيها. وغرابة القصة لم تبدأ بعد! فالتقييم والمفاضلة التي تمت بين المرشحين للبعثات قد تم التلاعب بها وتزوير درجاتها من دون علم أعضاء لجنة البعثات في القسم العلمي، كما أن الشكاوى التي رفعها أعضاء هيئة التدريس بعد علمهم بالأمر إلى مدير الجامعة حُفظت لأسباب تتعلق بالمصلحة العامة والمحافظة على أسرار الدولة!وأيضاً الغرابة في القصة لم تبدأ بعد! فالكلية وبالاتفاق مع إدارة العلاقات الثقافية والشؤون العلمية ورئيس القسم العلمي قرروا مجتمعين سحب هذا الموضوع من لجان القسم العلمي ومجلس القسم إلى لجنة بعثات الكلية حتى تضمن إقرار هذه البعثة في وقت العطلة الصيفية حيث لا رقيب ولا حسيب.وأيضاً الغرابة لم تبدأ بعد! فالكلية المعنية هي الكلية الوحيدة التي أجلّت ترشيح مبعوثيها على مدى السنوات الماضية لأنه في كل مرة كان الطالب الأول على الدفعة هو المرشح الأقوى، وعلى فكرة... المعدل العام لهذا الطالب هو 3.98 من 4.00 نقاط؟!الغرابة باختصار أن قصة هذه الكلية قد تم سردها بالتفاصيل الدقيقة للسيد مدير الجامعة والسيدة وزيرة التربية وسمو رئيس مجلس الوزراء والجميع تعهد بعدم السماح لأي تجاوز أو إخلال بمبدأ العدالة والمساواة وضرورة تطبيق القانون.والغرابة الأخرى أن هناك شبكة عنكبوتية في جامعة الكويت تسرح وتمرح غير مبالية بأي نقد أو رصد للمعلومات، وكل ذلك في ظل وجود لجنة تحقيق برلمانية على مدى فصلين تشريعيين للبحث في تجاوزات هذه الإدارة ومنها ما يحدث في طريقة اختيار مَن يفترض أنهم أساتذة هذا الصرح العلمي مستقبلاً.أما الأغرب على الإطلاق... أن الكل ينادي في هذا البلد بالتنمية ويعتبر التعليم محوراً لهذه التنمية، فإذا بأفضل الموارد البشرية والأكثر ذكاءً من الطلبة والأحرص من العوائل والأسر على إعداد أبنائها للتفوق العلمي على مدى سنوات طويلة يتم شطب مستقبلهم الواعد والمستحق بجرة قلم... ومنا إلى معالي وزيرة التربية، وكما قلت لها في الغرف المغلقة من قبل: هل هناك جريمة بحق التعليم أكثر من هذا؟!