أوهام المفاوضات والصفقات!

نشر في 25-12-2008
آخر تحديث 25-12-2008 | 00:00
 محمد صادق الحسيني إعلامنا العربي المرئي والمكتوب والمسموع منشغل ومهموم ومهتم كثيرا في هذه الأيام بل منفرجة أساريره أحيانا، وللأسف الشديد، بالحملات الدعائية المنظمة التي يقودها الإعلام الصهيوأميركي باتجاه خلق مزيد من التشويش والغموض والإبهام للمقاومة في كل مكان.

تستطيعون أن تصدقوا كلامي هذا وتأخذوا به في تحليلاتكم لما يجري من حولنا نحن العرب والمسلمين، كما تستطيعون أن تهملوه وتعتبروه من باب الدعاية والدفاع عن هذا أو ذاك من الأنظمة أو القوى الحية في المنطقة ممن يحاول العدو المتقهقر إظهارنا وكأننا نتفكك وفي طريقنا إلى خسارة المعركة المصيرية، فأنتم أحرار في ذلك ولكم الغنم إن قرأتموني بموضوعية وتأن، ولكم الغرم إن قرأتموني بطريقة الأحكام المسبقة التي لطالما اعتدنا عليها في عالمنا العربي العجيب الغريب!

أرجو أن تسمعوني جيدا وباختصار شديد ومكثف:

أولا: ليس هناك في الأفق المنظور أي صفقة أميركية-إيرانية شاملة على حساب أي من الثوابت التي يعرفها الراسخون في العلم عن إيران، أيا كانت قنوات الحوار المفتوحة المباشرة أو غير المباشرة بين واشنطن وطهران، وكل ما هو مطروح إنما هو محاولات أميركية للخروج من ورطاتها المتعددة مستعينة بتهدئة محدودة مع إيران، وهو ما تستجيب له إيران بهدف المزيد من كسر أنفة هذا الخصم المتغطرس!

ثانيا: ليس هناك في الأفق أي مفاوضات جدية وعميقة بين دمشق وتل أبيب قد تفرز اتفاقا أو توافقا أو اتفاقية تبعد من خلالها سورية عن إيران أو «حزب الله» اللبناني أو «حماس» أو أي من الثوابت المعروفة عن سورية في هذا السياق، أيا كانت الإشارات أو الأخبار أو التحليلات التي تقرؤونها من هذا المصدر أو ذاك، حتى لو وصلكم من أعلى سلطة في سورية أو من الكيان الصهيوني، لأن المهم كيف تقرأ هذه الأخبار من قبل الراسخين في علم السياسة الشديد التعقيد والتداخل وفي علوم الحروب الدعائية والاستخبارية والنفسية، ومعرفة المستفيدين من هذه التكتيكات من كل جانب وفي أي اتجاه يوظفونها!

ثالثا: ليس هناك في الأفق أي سلام لبناني إسرائيلي من أي شكل كان، ولا حتى مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة قد ينتج عنها وقف حالة العداء المستحكم بين لبنان والكيان الصهيوني، أو نزع سلاح المقاومة اللبنانية، ولو اجتمع الكون كله بعجره وبجره!

رابعا: ليست هناك قوة في الأرض أو تكتيك اكتشف يستطيع أن يفك عرى التحالف المنسوج بأقوى من خيوط نسيج السجاد العجمي المعروف بين قوى المقاومة والممانعة التي مر ذكرها قبل حصول واقعة «تفكك الكيان الصهيوني» التي لابد حاصلة وفي الأفق المنظور، ولو اجتمع الكون كله خلف هذا الكيان، والحر تكفيه الإشارة!

خامسا: ليست هناك في الأفق أي احتمالات لجر إيران أو سورية أو «حزب الله» أو «حماس» لصراع علني أو عنيف أو دامٍ مع بطانة الاحتلال في العراق، رغم اختلاف الرؤية فيما بين الأطراف المذكورة مع تلك البطانة، ورغم اتفاق القوى مجتمعة على خطورة ما تقوم به تلك البطانة أحيانا، لأن التركيز على أمور استراتيجية أخرى أهم ألف مرة، إن لم يكن مليون مرة، من حفنة بطانة الاحتلال في العراق، وهنا أيضا الحر تكفيه الإشارة!

أقول هذا لأن إعلامنا العربي المرئي والمكتوب والمسموع منشغل ومهموم ومهتم كثيرا في هذه الأيام بل منفرجة أساريره أحيانا، وللأسف الشديد، تجاه الحملات الدعائية المنظمة التي يقودها الإعلام الصهيوأميركي باتجاه خلق مزيد من التشويش والغموض والإبهام حول مدى الاستحكام الذي تتميز به العلاقة بين أطراف القوى الممانعة والمقاومة من جهة، بما فيها المقاومة العراقية الحقيقية والشريفة، ومدى استعداد كل طرف من هذه الأطراف لعقد صفقات منفردة محدودة أو شاملة مع الخصم الأميركي أو الكيان الصهيوني الإرهابي، وكلاهما أمران مستحيلان في الأفق المنظور لمن يبحث عن بواطن الأمور، وبراهيننا على ذلك أكثر بكثير مما تتصورون شرط ألا تجبرونا على كشف المستور!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

back to top