قرار اقتصادي بجرعة سياسية
تختلف الصورة حول قدرة التجمعات السياسية والاقتصادية معاً على تقديم نموذج للعمل الجماعي الذي يربط الطرح السياسي بالاقتصادي سوياً بقضايا الناس وهمومهم, أقول ذلك بعد حضوري جلسة مغلقة بمشاركة أساتذة ونشطاء اقتصاديين، أقامتها الجمعية الاقتصادية لتطلق حواراً حول الهموم الاقتصادية في المرحلة الحالية. اللافت للنظر هو إجماع الحضور على انتقاد التعاطي الحكومي مع الشأن الاقتصادي، وبروز الحاجة إلى تغيير السلوك المتّبع لتذليل العقبات التي تحول دون تنفيذ المشاريع المندرجة تحت بند الخطط المستقبلية، والمطالبه بمحو الأمية الاقتصادية لنواب الأمة، خصوصاً بعد حمى الفتوى الاقتصادية التي أصابت المرشحين في تناولهم موضوع خطة الإنقاذ المالي.
تزامنت مرحلة التشاؤم الاقتصادي والمالي أيضاً مع صدور تقارير دولية انتقدت تراجع الكويت، حسب المؤشرات المطروحة، إلى درجات متدنية، ومنها تقرير البنك الدولي الذي حذر من احتلال دول عديدة ومنها الكويت لمراتب متدنية طبقاً لمعايير الإصلاح الإداري، ومرونة بيئة الأعمال، وسهولة تسجيل ملكية الأصول العقارية، ومدى مرونة النصوص القانونية. كما صدر تقرير «ستاندرد أند بورز» الخاص بالتصنيف الائتماني الذي صنَّف التقييم السيادي للكويت تصنيفاً منخفضاً بسبب الأزمة السياسية التي أدت إلى استقالة الحكومة وحل البرلمان وبالتالي التباطؤ في الإنجاز... مقارنة بفترة بلوغ الكويت القمة في التصنيفات الجيدة في العامين الماضيين وتزامن ذلك مع الظروف الاقتصادية الإيجابية. آنذاك... وبعد الاطلاع على التقارير تزداد قناعة المرء بالحاجة إلى جرعة سياسية فاعلة في القرار الاقتصادي للدولة، تتعامل من خلاله مع معضلة السياسة المالية الانكماشية المتَّبعة في الفترة الحالية، وبروز الحاجة أيضا إلى فريق عمل «كويتي» متفرغ لدراسة القضايا الاقتصادية وطرح الحلول طبقا للمؤشرات والمعايير الاقتصادية العالمية. وفي النهاية، يتحدث الجميع عن تعزيز الاستقرار المالي وضرورة وجود القانون الذي يتضمن أدوات تمويلية ومعالجة مبكرة للشركات التي تمتلك «أصولاً جيدة»، وهذا بحد ذاته مشروع تأزيم قادم. كلمة أخيرة: قبل ثلاثة أعوام، التقينا كوفد نسائي بهيلاري كلينتون عندما كانت سيناتوراً في الكونغرس، وتحدثنا عن الدور الكويتي الشعبي في الإصلاح الانتخابي، والتاريخ السياسي للمنطقة. واليوم بعد أن أصبحت وزيرة للخارجية، وقيامها أخيراً بزيارة خاطفة للمنطقة أتساءل: ألم يكن من الممكن تنظيم لقاء ليس بالضرورة سياسياً... وليكن اجتماعياً بحتاً، يجمعها بنساء الكويت؟ أتمنى أن تكون «الدبلوماسية العامة» ضمن الخطة الحكومية المقبلة.