معركة مكاتب في الكونغرس... وتداول السلطة في واشنطن بلا دماء كلينتون نقلت حاجياتها إلى الخارجية وكيري أُرغم على الانتقال بالقرعة
تعيش العاصمة الأميركية واشنطن هذه الأيام موسماً من الحركة الدائبة مع تولي الإدارة الديمقراطية الجديدة للرئيس باراك أوباما زمام إدارة الدولة، وهي حركة تتكرر كل أربع أو ثماني سنوات مع قدوم طاقم جديد إلى العاصمة.
تُخلى آلاف المساكن والشقق المؤجرة في ضواحي العاصمة الأميركية واشنطن من قاطنيها العاملين في إدارة الرئيس السابق جورج بوش ليستقر بها القادمون الجدد، وفي ركن آخر في وسط العاصمة يمكن ملاحظة التسليم الحقيقي للسلطة في مبنى مكاتب أعضاء مجلس الشيوخ المسمى «مبنى ريتشارد راسل» الذي شيد عام 1909 والمحاذي لمبنى الكونغرس.اتضح من خلال جولة العاصمة أن مبنى الكونغرس والمباني المحيطة به من أسهل المباني دخولاً، بعكس مجلس الأمة الكويتي، التي تضم مكاتب أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، ولا يستغرب الزائر أثناء تجواله عند رؤية أحد هؤلاء الأعضاء ممن اعتاد رؤيتهم في شاشات التلفزيون، وهو يعبر الشارع من مبنى المكاتب إلى مبنى الكونغرس لحضور اجتماع لجنة أو اجتماع مهم. ولأن هؤلاء النواب هم ممثلو الشعب، فلا يوجد أي عوائق للتواصل معهم مباشرة عبر الوصول إلى مكاتبهم. إلا أن مبنى الكونغرس هذه الأيام يشهد تحركات كبيرة مع بدء أعمال الكونغرس 111 في تاريخ الحياة الديمقراطية بالولايات المتحدة، والذي يضم 538 عضواً ما بين أعضاء في مجلس الشيوخ ومجلس النواب يتسابقون إلى الحصول على مواقع مميزة لمكاتبهم في المبنى العتيق.
كان لافتاً أثناء جولتنا في مبنى الأعضاء كمية المكاتب الخالية من الأثاث وتنتظر قاطنيها، بينما بدت في مكان آخر مكاتب عريقة، فمكتب نائب مخضرم كالسناتور إدوارد كينيدي لا يدخل ضمن حسبة التنقلات الدورية لمكاتب الأعضاء نظراً إلى المكانة التي يتمتع بها، إذ يبقى مكتبه في موقعه دون أن يضطر إلى الانتقال، بينما عزلت القرعة السنوية للمكاتب بين أعضاء مجلس الشيوخ مرشح الرئاسة السابق السناتور جون كيري عن مكتبه، فوضع لافتة تشير إلى انتقاله إلى مكتب آخر في الطابق العلوي.كانت الحركة دؤوبة في مكتب وزيرة الخارجية الجديدة السناتور هيلاري كلينتون، والتي ودعت مكتبها في الكونغرس إلى الأبد لتنتقل للعمل في منصب تنفيذي، فترى العاملين في مكتبها يجمعون أوراقها ويزيلون بعض اللوحات التذكارية من على الجدران، تمهيداً لنقلها إلى مكتبها الجديد في الطابق السادس من مبنى وزارة الخارجية.المبنى العريق شهد مراحل مهمة في تاريخ السياسة الأميركية، فالرئيس الأسبق جون كينيدي أعلن ترشحه للرئاسة من إحدى قاعاته، بينما لا يزال موقع مكتبه في المبنى مميزاً بلافتة تخلد ذكراه، إضافة إلى الرؤساء السابقين هاري ترومان وليندون جونسون وريتشارد نيكسون الذين كانت لهم مكاتب في هذا المبنى في فترات مختلفة، لكنه اليوم يعيش حركة نشيطة، بين أكوام السجاد المبعثرة في الممرات وأصوات النجارين العاملين في المكاتب، والحركة الدؤوبة لمساعدي كلينتون لنقل حاجياتها، وبينما يكون تداول السلطة في العديد من بلداننا العربية أكثر صخبا وأشد وطأة... وغالباً بصورة دموية، فإن الأميركيين يقومون به كل أربعة أعوام بروح رياضية، وبينما يعمل النجارون والعمال على تغيير مكتب وطلاء حائط، يعمل الساسة الجدد على تغيير وجه العالم.