ربما تحتاج حال الترهل والميوعة السياسية التي تمر بها البلاد حاليا، الى اكثر من مجرد انتظار مؤتمر القمة الاقتصادية المقرر انعقاده بعد ايام، فمازال الحديث الدائر في الأروقة الخلفية يؤكد تجميد كل شيء حتى ينتهي المؤتمر، ويرى اصحاب هذه الرؤية أن الأحوال ستنصلح، وستتفجر الجبال عن انهارها، وستصبح البلاد اكثر اخضراراً حتى ان «المنجا» ستُزرع في ساحة الصفاة.

Ad

وقد اوضحت في مقالة سابقة مدى تهافت هذه الرؤية، وأيا كانت النتائج، فإن محصلة الامر لن تكون الا كمواعيد «عرقوب»، وهو من يُضرب به المثل في عدم الوفاء بوعوده لا بل بمواعيده، والذي قال فيه الشاعر الشعبي:

يوم اتضح، والا الزمان التوى بَه

صارت مواعيده مواعيد عرقوب

ربما لم يتصور اصحاب نظرية «الفرج بعد المؤتمر»، أن رياحا عاتية ستهبّ علينا قد تؤدي الى تخريب المؤتمر ذاته، فها هي الاوضاع المأساوية المستمرة في غزة، والانتهاكات الاسرائيلية الفاضحة للمعايير الدولية لحقوق الانسان تفرض نفسها، ومن المؤكد انها ستُلقي بظلالها على اعمال المؤتمر، وقد تُحيله الى شيء آخر.

فمن المعروف ان هناك انقساما حادا، او هكذا يبدو، بشأن الدعوة الى عقد مؤتمر قمة عربي طارئ للتباحث في الموقف العربي تجاه مأساة غزة، ومازالت تلك الدعوة محل خلاف.

فعلى افتراض استمرار المجازر الاسرائيلية حتى موعد المؤتمر وعدم التوصل الى صيغة دولية لوقف اطلاق النار، فان مؤتمرنا القادم سيكون امام اكثر من احتمال:

الاول: ان يتحول المؤتمر الاقتصادي الى ما يشبه المؤتمر الطارئ بشأن غزة، وقد يكون ذلك امرا مستحقا، وبالتالي يفقد بالكامل صيغته المُعدّة سلفاً.

اما الثاني، فهو ان يواجه المؤتمر باعتذارات كثيرة تستند إلى عدم جواز عقد قمة في هذه الظروف، الا بشأن موضوع غزة، وربما يكون هناك احتمال ثالث هو تأجيل المؤتمر حتى إشعار آخر.

احتمال ضياع المؤتمر إياه في الزحمة الدولية، وتحول «خبّة ما بعد المؤتمر» الموعودة الى سراب، وتأكيد المؤتمر على «عرقوبيته»، بما تجعلنا اكثر واقعية في التعامل مع حال الضياع التي تعيشها البلاد.