خذ وخل: الاستجواب عليكم ورحمة الله!

نشر في 11-03-2009
آخر تحديث 11-03-2009 | 00:00
 سليمان الفهد لا تعجب أبداً لو سمعت أحد النواب يزأر بتحية «الاستجواب عليكم ورحمة الله وبركاته»، عوضاً عن «السلام عليكم ورحمة الله» إياها! إن البلاد مشرعة على كل الاحتمالات، وصار العديد من المواطنين بمن فيهم الوزراء والنواب، يؤمنون بحالة وقوع البلاء لا انتظاره.

مصلحة الأرصاد السياسية أصبحت تضاهي مصلحة الأرصاد الجوية التي تفشل، في أحايين كثيرة، في التنبؤ بأحوال الطقس المتقلّبة! فالاستجوابات باتت تهطل على البلد من حيث لا نحتسب! كما تبدّى ذلك جلياً في استجواب النائب محمد هايف الذي فاجأ الجميع على حين غرة، حين أعلن استجوابه من جراء هدم لجنة التعديات على أملاك الدولة، مصلى مهجوراً آيلاً للسقوط على رؤوس من يصلي فيه، أو يخزّن فيه أغراضه!

وقد هدّد النائب بالاستجواب إذا لم يبادر سمو رئيس الوزراء بإحالة الفريق متقاعد «محمد البدر» إلى النيابة العامة! والطريف الغثيث، إن كان في الأمر طرافة دون غتاتة، أن النائب «مرزوق الغانم» هو الآخر هدّد باستجواب مضاد إذا اتخذت الحكومة إجراء سلبياً ضد الفريق «البدر» ومعاونيه! على الرغم من الضجة الإعلامية الكبرى التي قامت في البلاد ولم تقعد بعد، بشأن هدم مصلى «بوفطيرة» في الفنطاس الموسوم بلغة الأغاني الرومانسية «يا ساحل الفنطاس... يا ملعب الغزلان!» وصار في هذه الأيام ملعباً لبعض النواب الذين يمارسون الاستجواب كما لعبة الكراسي الموسيقية، وفق تقنية «من سبق لبق» الأمر الذي أفضى بحق الاستجواب إلى أن يمارس بالحق والباطل، بغية التهديد والوعيد وإظهار العين الحمراء لوزيرة التربية -مثلاً- والتي تلاحق بالمساءلة التعسفية عن أي واقعة وهفوة وكبوة وخطأ وخطيئة، تحدث في مرافق وزارة التربية كلها! إلى حد مسؤوليتها عن انزلاق تلميذ ابتدائي بقشرة موز في ساحة المدرسة، الأمر الذي يحرضني على التساؤل البريء وهو: لماذا لا تكون الاستجوابات بالجملة لتطول الوزراء كافة، بصيغة «ديمقراطية» تحقق تداول وتناوب الاستجواب بأحلى معانيه التعسفية!

إثر عودة رئيس مجلس الأمة إلى البلاد سئل عن رأيه في الأوضاع المتأزمة؟! فتبسم ضاحكاً وقال: إن الديرة يغمرها الغبار «والطوز» ولم يعقب! وما دام الأمر كذلك، فمن يدرينا لو نهض أحد النواب اليوم وليس غداً بإشهار استجواب ضد «الطوز» ربما لأن العم الدكتور «صالح العجيري» لم ينوه في تقويمه عن تلازم الغبار بمناخ الاستجوابات إلى حد يمكن معه القول إن البلاد والعباد يكابدون هذه الأيام «موسم» الاستجوابات من جراء حضور منخفض لا ديمقراطي أدى إلى حجب الرؤية الوطنية السوية!

من هنا لا تعجب أبداً لو سمعت أحد النواب يزأر بتحية «الاستجواب عليكم ورحمة الله وبركاته»، عوضاً عن «السلام عليكم ورحمة الله» إياها!

إن البلاد مشرعة على كل الاحتمالات، وصار العديد من المواطنين بمن فيهم الوزراء والنواب، يؤمنون بحالة وقوع البلاء لا انتظاره، ذلك أن مسألة التأزيم ينسحب عليها قول: بلغ سيل الاستجوابات الزبى! ولا تسألني عن كنه ومعنى «الزبى» لأن المعنى في بطون المستجوبين فقط لا غير!

back to top