إنشاء هيئة مساندة لوزارة الداخلية من النساء تتولى مساعدة أعضاء هيئة الشرطة في أداء الأعمال والمهام المنوطة بهم في حدود القانون، قرار اتخذه مجلس الوزراء الكويتي عام 2001، وحان وقت تطبيقه كاملاً من دون أي عوائق تُذكر.

Ad

جاء اقتراح وزارة الداخلية الكويتية في أغسطس عام 2005 بإنشاء «المعهد التأسيسي للشرطة النسائية»، لاستقبال الراغبات في الالتحاق بجهاز الشرطة وتخريجهن للعمل في جهاز الشرطة ليثير هذا الاقتراح العديد من التساؤلات بشأن مدى ملاءمة طبيعة المرأة كأنثى للعمل في هذا الجهاز، وأيضا نظرة المجتمع ومدى تقبله لهذه الفكرة وموقف العادات والتقاليد من هذا الأمر. «الجريدة» التقت بعض متدربات المعهد التأسيسي للشرطة النسائية، ورصدت آراءهن وأمنياتهن للمرحلة المقبلة.

منهج قادر على التأهيل

إحدى متدربات أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الامنية- التي رفضت ذكر اسمها- أكدت أن الزي الرسمي الذي نرتديه أثناء وجودنا داخل الاكاديمية لا يسبب لنا أي مضايقات على الاطلاق بل على النقيض يتميز بالحشمة والوقار، وهو شبيه بزي الشرطة النسائية في دول مجلس التعاون الخليجي.

وأضافت في حديثها لـ«الجريدة» أن هناك أكثر من زي لمنتسبات معهد الهيئة المساندة محدد بـ«غطاء للرأس يغطي الشعر بالاضافة الى القبعة ولباس طويل مع بنطال لإضفاء رونق ونوع من الانضباط الذي يجب أن تكون عليه عضوة الهيئة المساندة»، وعن مدى ملاءمة طبيعة المرأة كأنثى لمواجهة الصعوبات التي سوف تواجهها أثناء العمل قالت: نحن على قدر عالٍ من التأهيل والتدريب الذي يؤهلنا لمواجهة جميع الصعوبات التي تقابلنا بل والتغلب عليها أيضاً، مشيرة إلى أن هيئة التعليم والتدريب في المعهد جميعها من العنصر النسائي ذي الكفاءة المنتقى بعناية شديدة، بالاضافة إلى أن منهج الدراسة والتدريب الذي نتلقاه داخل الهيئة قادر على تأهيلنا نفسياً واجتماعياً، كما انه مشابه إلى حد كبير لتلك المناهج التي يتلقاها الطلبة الضباط وضباط الصف والافراد مع وجود بعض التعديلات اللازمة على بعض المقررات حتى تتناسب معنا كطالبات، وذكرت أن الدراسة في معهد الهيئة المساندة للطالبات محددة بعام دراسي واحد والدفعة الاولى من الخريجات سوف تشكل النواة الاولى للهيئة المشرفة على إدارة المعهد والمساهمة في تعليم وتدريب طالبات الدفعات المقبلة، وهذا يفرض على المرأة الراغبة في الانضمام إلى الشرطة اجتياز جميع الاختبارات من المهارات البدنية وما يتعلق بها من تمارين اللياقة البدنية والرياضية المختلفة والمهام المتعلقة بالعمل الشرطي، فضلاً عن المهارات التقنية من استخدام الأدوات والوسائل الفنية التي تمكنها من ممارسة عملها، لاسيما التدريب على اكتساب المهارات السلوكية، بحيث تكون قادرة على التعامل الايجابي والمتوازن مع الأطراف المعنية.

العادات والأعراف

متدربة أخرى أرجعت عدم تقبل المجتمع لفكرة الشرطة النسائية، إلى الاعتقادات السائدة والمسيطرة على الجميع بأن العمل الشرطي يتطلب جهداً كبيراً لا تستطيع المرأة بذله ومشقة عالية لا تستطيع احتمالها نظراً إلى تكوينها البيولوجي، فضلاً عن العادات والتقاليد التي قيّدت خروج المرأة للعمل بصفة عامة، التي كانت بمنزلة قوانين يجب الالتزام بها وعدم تخطيها، وأثنت على حرص الإرادة السياسية في البلاد وتشجيعها المستمر للمرأة للدخول في كل مجالات العمل، بما فيها سلك الشرطة، وذلك للمشاركة في تدعيم مسيرة البناء والأمن والاستقرار، وهذا يعتبر من أهم مظاهر الاهتمام بعمل المرأة ومؤشرا يرصد مدى التغيرات التي طرأت على القناعات والمفاهيم والثقافة الخاصة بالمجتمع الكويتي، الذي أصبح ينظر إلى وجود المرأة في سلك الشرطة كضرورة اجتماعية، لعدة أسباب منها على سبيل المثال لا الحصر، أن جهاز الشرطة يكفل ويحفظ النظام ويحقق الاطمئنان والرفاهية لجميع أفراد المجتمع وهو ركيزة أساسية من ركائز المصلحة القومية العليا في أي مجتمع، وتقع عليه مسؤولية تحقيق الانضباط في السلوكين الفردي والجماعي وحماية الآداب العامة، فضلا عن خوض مجتمعاتنا مواجهة مع مجتمعات العالم، وتضم هذه المجتمعات عمالة وافدة (رجالاً ونساء) من جنسيات عدة في كل القطاعات والتخصصات وما يترتب على وجودها من آثار ثقافية واجتماعية ينتج عنها المساهمة في زيادة معدلات الجريمة والانحراف وارتكاب جرائم الاعتداء على النفس والعرض والسطو على الأموال والسرقة والنصب والتزوير والاتجار في المخدرات، وهو ما يتعارض مع قيم هذه المجتمعات وتقاليدها السائدة، وهذا ما يدعو إلى مشاركة المرأة الرجل في تحمل مسؤولية التصدي لهذه الموجات الانحرافية وتجفيف منابعها، وأضافت: المهام التقليدية التي كانت تأخذ جل اهتمام أجهزة الشرطة في الماضي، أصبحت لا تمثل سوى نسبة ضئيلة من المهام التي تقوم بها في الوقت الحاضر، إذ لم تعد تلك المهام قاصرة على تحقيق الأمن بمدلول ضيق بل امتدت لتشمل تحقيق الأمن بمدلول أوسع وأشمل والوصول به إلى جميع أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهي الأبعاد التي أصبح للمرأة دور رئيسي وأساسي في تشكيلها.

القدرة على الفعل

وبشكل عام ورغم الصعوبات التي تعترض المرأة العربية بصفة عامة والخليجية بصفة خاصة، فإن حل هذه الإشكالية وغيرها من الإشكاليات التي تخص المرأة يتلخص في مفهوم «القدرة على الفعل» الذي يجب أن يكون الفيصل الوحيد في التقييم والحكم على هذه التجربة الجديدة وجميعها من التجارب التي تدخل فيها المرأة كطرف، والتي ستبين قدرتها من على الاستمرار من عدمها وكذلك قدرتها على الانتاج، فكما أن هناك تفاوتاً في القدرات بين النساء وبعضهن وبين الرجال وبعضهم هناك أيضا تفاوت بين الرجل والمرأة في القدرات، فمن لديه القدرة على الفعل يستطيع إنجاز المهام، وإثبات الكفاءة في ظل تحقيق مبدأ المساواة في الفرص.