أثار ما نشرته صحيفة "لوس أنجليس تايمز" الأميركية حول نية إدارة باراك أوباما تليين شروطها للاعتراف بحركة "حماس" مخاوف إسرائيل، واعتبرت أوساط سياسية إسرائيلية أن هذا أمر مخيب للآمال ومثير للقلق، وأن خطوة كهذه من شأنها ان تقوي هذه الحركة وتبعدها عن السلام، وأكدت هذه الأوساط ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم طرح هذا الموضوع خلال زيارته القريبة الى واشنطن ولقاءاته مع الرئيس الأميركي وبعض أعضاء الكونغرس والإدارة الأميركية.

Ad

والملاحظ ان إثارة هذا الموضوع، موضوع تليين الإدارة الأميركية لشروطها للاعتراف بـ"حماس"، بكل هذه القوة والتركيز من قبل بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين قد ترافق مع شروع أوساط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتجديــد الحديث عما تسميه هذه الأوساط "غياب الشريك الفلسطيني" في عملية سلام حقيقية!!

إنها معركة طاحنة هذه التي تحتدم الآن، والتي ستصل الى ذروتها عندما يقوم بنيامين نتنياهو بزيارته المرتقبة الى واشنطن خلال هذا الشهر، فالإسرائيليون اعتبروا ان النجاح الذي حققته زيارة العاهل الأردني عبدالله الثاني بن الحسين الأخيرة الى الولايات المتحدة قد وضعتهم في الزاوية، وأنهم إن لم يتحركوا بسرعة ويدَّعوا أنهم بغالبيتهم مستعدون لتقديم تنازلات كبيرة من أجل السلام مع الفلسطينيين على أساس حلِّ الدولتين إذا وجدوا الطرف الفلسطيني الذي يقدمون إليه مثل هذه التنازلات، فإنهم سيخسرون جولة حاسمة وتاريخية.

إن هذا يجب ان يدركه الفلسطينيون، وفي مقدمتهم حركة "حماس" التي حان لها ان تعرف ان كل ما قامت به منذ إفشال اتفاق مكة المكرمة الى قيامها بانقلاب منتصف يونيو عام 2007 الى إنشاء إمارة غزة الى استدراج الحرب المدمرة الأخيرة كان لحساب الإسرائيليين وفي مصلحتهم ولو كان مــن قبيل الخطأ وبدون أي قصد. وهنا فإن المثل، الذي يعرفه خالد مشعل ومن هم معه على رأس قيادة هذه الحركة التي غدت بمنزلة شوكة في حلق القضية الفلسطينية، يقول: إن طريق جهنم معبد بالنوايا الحسنة.

لقد كان واضحاً منذ البداية، حتى لأصحاب أنصاف العقول، ان إيجاد تنظيم موازٍ لمنظمة التحرير الفلسطينية يطرح نفسه بديلاً عنها ويرفض ان يكون أحد فصائلها، يشكل خدمة لا تقدر بثمن للإسرائيليين الذين بقوا يتهربون من دفع استحقاقات السلام، قبل مدريد وبعدها، والذين منذ ان قامت "حماس" بانقلابها وفصلت غزة عن الضفة الغربية جغرافياً وسياسياً وهم يرددون: إنهم لا يجدون الطرف الفلسطيني الذي يفاوضونه، وإنهم لا يعرفون من هي الجهة التي سيقدمون إليها التنازلات التي ينوون تقديمها.

إن هذا هو واقع الحال، ولذلك فإن المفترض ان تبادر حركة "حماس"، التي تعرف أبعاد كل هذه الذرائع الإسرائيلية، الى ما يعتبر صحوة ضمير، وأن تدرك ان كل ما قامت به لم يخدم إلا الإسرائيليين، وأنه منذ البداية حتى الآن قد شكل عبئاً ثقيلاً على القضية الفلسطينية، وأن عليها وقد استجدت كل هذه المعطيات الدولية تجاه الشرق الأوسط وأزمته ان تتحلى بالوطنية الصادقة المطلوبة وأن تبادر الى التخلي عن كل شروطها التعجيزية وتلتحق التحاقاً، وما العيب، بمنظمة التحريرالتي يعترف بها العالم كله.

كاتب وسياسي أردني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء