وجهة نظر : ليلة البيبي دول... نجوم كثرٌ من دون ضرورة!

نشر في 06-06-2008 | 00:00
آخر تحديث 06-06-2008 | 00:00
 محمد بدر الدين بدا «ليلة البيبي دول»، الذي عرض أخيراً في القاهرة، أقل من المتوقع ومن الدعاية المرافقة له كإنتاج ضخم بل استثنائي. الفيلم آخر ما كتبه عبد الحي أديب كاتب السيناريو الراحل، وهو تحية لإسمه ومهدى إلى ذكراه، أنتجته شركة «غود نيوز» وأخرجه أحد أبنائه عادل أديب.

إنه فيلم بسيط، يصل إلى حد المباشرة المقبولة حيناً والمرفوضة حيناً آخر، هو مزيج من الكلام في السياسة من دون تعمق كبير، من الفكاهة إلى حد الإضحاك أحياناً، من التوابل التجارية وإشارات الجنس والإثارة، ومن النجوم في التمثيل والغناء. باستثناء بعض هؤلاء النجوم، خصوصاً محمود عبد العزيز وسولاف فواخرجي وجمال سليمان ونور الشريف وإلى حد ما ليلى علوي، كان يمكن استبدال الأسماء اللامعة أو الاستغناء عنها، مثل المشهد الذي ترقص فيه علا غانم الذي بدا مقحماً ومتحذلقاً في آن، كذلك المشهد الذي تغني فيه روبي في نهاية الفيلم. كذلك كان يمكن أن يؤدي دور محمود حميدة أي ممثل آخر أقل من اسمه وإمكاناته، فهو دور ذو بعد واحد لضابط شرطة يؤدي واجبه بإحساس واحد وبتجهُّم طول الوقت.

تدور أحداث الفيلم في ليلة رأس السنة، يلتقي فيها حسام (محمود عبد العزيز) وزوجته سميحة (سولاف فواخرجي) بعد طول غياب، بسبب ظروف عمل كليهما، هو في السياحة وهي عازفة في الأوركسترا، فيفاجأ بأنها تصرفت بالشقة وتستضيفهما موقتاً صديقة لها.

تتنوع مشاهده وتطول، خصوصاً تلك التي يحاولان فيها إيجاد مكان لقضاء ليلة سوياً، ليس طلباً للمتعة فحسب أو لأشواق بعد الفراق، إنما بهدف الإنجاب بعد مشاكل كثيرة حالت دون ذلك وأجلته.

هذا الموقف الدرامي طريف بطبيعته، على الرغم من أنه تكرر سابقاً في السينما المصرية السائدة وفي الأفلام التقليدية العالمية. رأينا مثيلاً له مراراً في أفلام عادل إمام الأخيرة، وفي «طباخ الريس» هذا العام.

أما الآراء السياسية في الفيلم، فهي معقولة وصحيحة في غالبيتها، تأتي على لسان الشخصيات. يجسد عوضين (نور الشريف) الشخصية التي تتمحور حولها السياسة، أكثر من غيرها. يقدمه الفيلم كتعبير عن معنى المقاومة في إحدى المراحل من عمره، ثم كتعبير عن معنى الإرهاب في المرحلة الأخيرة، فهو يشارك في المقاومة في أكثر من بلد ومكان، لكنه بفعل التعذيب الذي يتعرض له، خصوصاً على يد الجنود الأميركيين في سجن أبو غريب، أصبح يتحرك بدوافع تمتزج فيها الرغبة في المقاومة لقضية عامة وفي الانتقام لما حدث له، الأخطر أنه بات لا يتورع عن القيام بعمليات انتقاماً ممن عذبوه لا سيما أنهم لم يتورعوا عن التضحية بمدنيين أبرياء في العمليات التي شنوها. برز جلياً أن الفيلم يفرق بين المقاومة والإرهاب في هذه النقطة بالذات، لذلك يبدو متفهماً للظروف التي أدت بـ عوضين إلى ذلك الموقف، لكنه يسحب تعاطفه ويدينه ولا يبرر له مسلكه الجديد، بل تحاصره أحداث الدراما إلى أن تودي به في النهاية.

لم تخرج رؤية الفيلم عن الجملة التي تصدرت الشاشة وكتبها عبد الحي أديب بنفسه ووقعها: «المقاومة هي أشرف فعل.. والإرهاب هو أبشع فعل».

نلاحظ عموماً أن سيناريوهات المؤلف السينمائي القدير الراحل عبد الحي أديب لم تكن في المرحلة الأخيرة بقوة السيناريوهات التي أنجزها في مراحل سابقة، شتان ما بين «باب الحديد» و{استاكوزا»! وما بين «امرأة على الطريق» و{ديسكو ديسكو»... ليس في تفاوت المستوى ما يسيء إلى الكاتب بل هو أمر طبيعي.

لكننا على الرغم من ذلك نفهم ونرحب ونحب، تلك الحالة من العرفان للكاتب والأب، بقدر ما نرتاح إلى نجاح أو إقبال يحرزه الفيلم ويؤدي إلى إيصال خطابه، نجدد القول إنه خطاب تمحورت مواقفه في إطار درامي وفني مبسط للغاية، لا بأس به ، لكن من دون مبالغة في الدعاية التي تضعه في مصاف الأفلام الكبرى. المؤكد أنه ليس فيلماً كبيراً بالتأكيد.

back to top