بعد سنوات طويلة من الحيرة عن سبب الخلافات المستمرة بين قادة الدول العربية، وهي الخلافات التي لم تسمح بانعقاد قمة عربية كاملة النصاب برؤساء الدول منذ أكثر من أربعين سنة، بعد الانتظار الطويل هذا تبين أن الرئيس الإيراني أحمدي نجاد هو السبب الرئيسي وراء ذلك كله، بل إنه سبب مشاكل الأمة العربية بشكل عام، والدليل على ذلك أن مصر والسعودية وبعد أن اكتشفتا العلة الحقيقية لفشل القمم العربية طلبتا من قطر، وهي الدولة المنظمة للقمة العربية، عدم دعوة «المخرب» نجاد للقمة كشرط لحضور قادة الدولتين.

Ad

الآن وبعد أن وافقت قطر على عدم دعوة «نجاد» للقمة «إكراما لخاطر» المعترضين ولإنجاح القمة التي تعقد في الدوحة سترون القرارات «الحاسمة» التي سوف «تكسر الدنيا» وستجعل إسرائيل ترتجف خوفاً من التضامن العربي، وسترون أن القادة العرب المختلفين دوماً سيصبحون «حبايب ويعيشوا في تبات ونبات ويخلفوا صبيان وبنات».

وبعد أن اكتشفنا «فيروس نجاد» الخطير نبشركم بأن المشاكل العربية العالقة كلها ستحل، فقضية دارفور ستعرف طريقها للحل بطرفة عين، وستعود الأراضي الفلسطينية المحتلة عما قريب، وستنتشر الديمقراطية في الدول العربية، وسيزول الفقر من المجتمعات العربية، ونسيت أن أقول لكم إنه تم اكتشاف أن زيادة نسبة مرض ارتفاع ضغط الدم في المجتمعات العربية ليست بسبب أوضاعهم التعيسة، وإنما أيضاً بسبب الرئيس الإيراني نجاد لأن العرب بمجرد أن يروا صورة نجاد يرتفع معدل ضغط الدم لديهم. ألم أقل لكم أن القادة العرب اكتشفوا السبب «الخطير» وراء فشل القمم العربية، وهو «العميل» نجاد الذي ربما ما زال يخطط لضرب الدول العربية بالمفاعل النووي الإيراني. ومن الآن فصاعداً، فإن الأمور ستتحسن بصورة مذهلة. إذا لم تكونوا مصدقين فانتظروا ساعات وسترون بأم أعينكم القرارات التي ستصدر عن القمة، والتي ستثبت لكم بالدليل القاطع صحة أن «نجاد» هو سبب كل النكبات العربية، وأن «قعدة» بسيطة بين الزعماء العرب- من دون نجاد بالطبع- كفيلة بحل كل المشاكل.

في مذكراته الممتدة لأكثر من نصف قرن، يتحدث محمد حسنين هيكل الكاتب المصري المعروف- الذي كان مقربا جداً من الرئيس جمال عبدالناصر، وله علاقات بالعديد من الملوك والرؤساء العرب وغيرهم- كيف أن الرؤساء العرب كانوا يتأمرون على بعضهم بعضا، وكيف أن البعض منهم كان يحضر إلى القمم العربية الطارئة- خصوصاً تلك التي تعقد في أوقات الأزمات التي تحدث مع إسرائيل- ثم يخرج من الاجتماع لينقل ما دار في الاجتماعات إلى أميركا وإسرائيل. كما يروي هيكل كيف أن بعض القادة كان يطلق الشعارات الرنانة والمواقف العنترية لإلهاء الشعوب العربية- أو كما كان يسميها شاه إيران «صوت المدافع الفارغة» - ثم يعود ليقدم التقارير المفصلة إلى الاستخبارات الأميركية ويجتمع في عواصم أوروبية مع مسؤولين إسرائيليين. طبعاً كل هذا التاريخ «الحافل والمشرف» كان أيضاً بسبب نجاد رغم أنه كان طفلاً صغيراً في ذلك الوقت، ولكن تأثيره السيئ كان موجوداً منذ ذلك الوقت.

بعض القادة يقبل أن يستقبل رئيس وزراء إسرائيل في قصره ويأخذه بالأحضان ويتبادل معه القبلات ويفرش له السجاد الأحمر حتى بعد العدوان على غزة ومن قبلها على لبنان، ولكنه يحلف «بالطلاق بالثلاثة» أنه لن يحضر أي قمة إذا ما دُعي إليها أحمدي نجاد، لأن نجاد «أخطر بكثير» على الأمة العربية من إسرائيل. كفانا تعليق بلاوينا على الآخرين، ولينتبه الجميع إلى خطورة النظر إلى إيران على أنها «عدو»، فإيران في النهاية دولة جارة مسلمة، ولا يصح التعامل معها على هذا النحو.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء