جلسة مع هتلر كنا قد توقفنا في الحلقة الماضية عند قبول الدبلوماسي الخليجي دعوة الصعاليك إلى ممارسة الصعلكة لإعجابه بالصعاليك الاولين وشعرهم، وقلنا ان سليمان الفهد قال له حسنٌ ان سليمان الفليح هو آخر سلالاتهم المنقرضة، لذلك قبل الدبلوماسي الدعوة شريطة ان يتنقل بنا بواسطة السيارة الدبلوماسية (لزوم التكشخ والفشخرة)، لنبدو لهم أننا اناس محترمون ولنا اهمية (قصوى) في بلادنا، لذلك جاء الينا الدبلوماسي المثقف الرقيق وحملنا معه ونحن نجلس في المقعد الخلفي، كسفراء الدول الفقيرة او سفهائها لا فرق، ثم قال لنا: اين اتوجه؟ فقلت له: اولا الى شيخ الغجر (عبجو) لنقدم له مراسيم الولاء والطاعة، فالتفت اليّ الدبلوماسي حانقاً وقال: إلا هذه، هل تسخرون مني.
ثم قال بتهذيب: اذن دعوا زيارتكم الميمونة او (المينونة) لا فرق كما يقول صديقنا الفهد، دعوها الى آخر الرحلة، قلت: حسنٌ اذن توجه الى (ام الدواهي) البصارة البراجة لنتناول عندها القهوة السوداء وتقرأ لنا (سوء الطالع) وتقرأ لك حسن الفأل، وهذه قد تفيدك في امور كثيرة في استقراء الاحداث! على الرغم من اننا انا وابي نواف نعرف تماما حرتقاتها وحذلقاتها ومهارتها في استيلاد المفردات الشعبية المنقرضة واتقانها (تفجير اللغة) المحكية، وهذا ضرب نقدي يفيدنا في الكتابة الساخرة، ثم انه لا بأس ان نضحك عليها وهي تخاطب (شمهورس) عفريتها العتيد، الذي تتقن تقليد صوته (الوهمي) من قعر الحنجرة، لاسيما ان ام الدواهي من اشهر اللواتي (يزغلطن) - اي يزغردن في الافراح وينُحْن في المآتم، لذلك هي تتكسب بحنجرتها الذهبية التي تجنح إلى الغناء في آخر الليل، ثم لا بأس ان نأخذه الى (ابو الفوارس) الذي يفتل شاربيه كجناحي صقر هرم ليحدثنا عن آخر (زعبراته) ومعاركه الواهمة مع بني ذبيان وهو يشهر سيفه الصدئ الذي اسماه «قصاف» لانه على حد زعمه (المكذوب) يقصف الآجال والعياذ بالله، ثم اننا نجد في مجلسه العامر بعض الشلة (المحترمين) مثل عرموطة اللبانة -بائعة اللبن الخاثر- الحاجّة ام سهيل وهي تكرع نارجيلتها (المدندشة) بالخرز والودع واسنان الذئاب، وكذلك صديقنا الزجال الدجال (ابو مياح) وكذلك (ابو برلين) الذي كان عسكريا شجاعا صدمته هزيمة حزيران (يونيو) وأفقدته العقل فتقمص روح هتلر وحث شاربيه قليلا واعتمر قبعة عليها الصليب المعقوص، والذي ظل يهذي بلا توقف بالتحليلات السياسية والخطط الاستراتيجية لهزيمة اسرائيل ومحق اليهود!! كما كان يفعل هتلر ويختم القول بتحية الرايخ الثالث (هايل هتلر).