يبدو أن نوابنا لم يشبعوا من «رغوة» احتفالات العيد الوطني وعيد التحرير، فآثروا أن تكون بداية أول أسبوع عمل بعد عطلة الأعياد مليئة بـ«رغوة» تشوّش النظر، وتثير «زبد» الغضب الشعبي، ففاجأنا النائب فيصل المسلّم باستجواب ربما يشكل غشاوة ستجعل البلد يتخبط بلا بصيرة من شدتها في الفترة المقبلة، والناس تفقد ما بقي من صبرها، ويثور غضبها، ويتدفق «زبدها» من شدة محنتها، بسبب تعطل كل الحلول التي تمسها اقتصادياً ومعيشياً.

Ad

فمادة استجواب المسلّم لرئيس الحكومة مستنزفة على مدى أكثر من عام من زميله النائب أحمد المليفي وآخرين في البرلمان وفي الخيام الانتخابية أيضاً، وهي، في الأصل، محالة إلى النيابة العامة للبت فيها، ولا تخرج عن كونها «سبوبة» على قول إخواننا المصريين، من أجل الانتقام من الحملة الإعلامية التي يتعرض لها النائب المسلّم منذ تأييده استجواب النواب الطبطبائي وهايف والعبيد لرئيس الوزراء في نوفمبر الماضي، والتي اتهم المسلّم فيها مباشرةً، وسائل إعلام ادعى أنها محسوبة على الشيخ ناصر المحمد ويديرها عاملون في ديوانه، وهي الحملة التي استفزته بشكل كبير، وجعلته يطلق أوصافاً عليها كـ«الإعلام الفاسد» وخلافه، لذلك فإن المتوقع عند مناقشة هذا الاستجواب في قاعة المجلس، إن تمت، أن تكون هذه المناقشة شديدة اللهجة وحامية الوطيس والتجريح.

النائب المسلّم لم يحتمل ما تعرض له من نقد إعلامي شديد، ولذلك فإن قوة ردة فعله جعلت كثيرين يتابعون فصولها، ويصدقون بعض وقائعها، ورغم أن نواباً كثيرين تعرضوا لحملات أشد ضراوة وشراسة خلال السنوات الماضية، لكن المسلّم لم يستطع أن يخرج من ضغوط رغبته في الثأر، فتلبّسته شخصية أمير الانتقام الروائية والسينمائية، وهو ما تدل عليه مادة الاستجواب، وما أُلحِق بها من تقرير لديوان المحاسبة صدر منذ فترة، واتّخذ حياله إجراءات قانونية.

ورغم علم المسلّم بأنه لا يجوز دستورياً مساءلة رئيس الحكومة عن أحداث وقعت في ولاية حكومية سابقة له ما لم تُتخذ إجراءات بشأنها، وتحق فقط حيالها المساءلة القانونية الجنائية، وهو ما تم فعلاً بالإحالة إلى النيابة العامة، فإنه اختار هذا التوقيت لتقديمه.

وفي المقلب الآخر قدّمت «حدس» دورها في طابور المستجوبين انتقاماً لما حدث لوزيرها السابق محمد العليم في قضية الـ«داو كيميكال» وخروجه غير المريح من الحكومة، وستقدم اليوم استجوابها الموعود، لتدخل من الباب الكبير إلى المعارضة بعد أن هجرت صالونات الموالاة الفارهة.

البلد كله في حالة تناحر وانتقام متبادل، وصوت العقل والمواءمة السياسية غائب، ومصالح الأمة في حالة انتظار، وأضحى الشعب ضحية من اختارهم، وهو لا يعرف من ينتقم له بسبب تردي أوضاعه، ومن ينتقم منه، ومن حاضره ومن مستقبله.