الدولة والتشدد الديني يقتلان رياضة النساء نادٍ رياضي نسائي واحد في دولة بأكملها... صورة حية لازدراء الرياضة النسائية
ليس صحيحاً أن الحديث عن الرياضة النسائية بمعزل عن حال الرياضة الكويتية بشكل عام يعد ترفا، أو نوعا من إضاعة الوقت. فتراجع الرياضة النسائية له أسباب مختلفة تماما عن تراجع الرياضة العامة في دولة الكويت وهنا تكمن اهمية مناقشة هذا الموضوع.لماذا الحديث عن «الرياضة النسائية» في بلد كالكويت تراجعت فيه الحركة الرياضية برمتها منذ ما يقارب الثلاثة عقود! سؤال فيه شيء من المنطق وربما يؤدي إلى نتيجة مفادها أن وجود حركة رياضية نسائية مرتبط ارتباطا مباشرا بوجود حركة رياضية بالاصل.
ما يجعلنا نطرح مثل هذا الموضوع قضايا استجدت على المجتمع الكويتي في مجالات عديدة منها الأوضاع في المؤسسات التعليمية، وخاصة في وزارة التربية التي كانت تعد الرافد الأساسي للطاقات البشرية للأندية الرياضية من الجنسين إلى جانب الوضع الاجتماعي الذي أثرت فيه موجة الحركة الاسلامية السياسية، هذا فضلا عن ضعف اهتمام الدولة بالرياضة بشكل عام وهو ما اصاب الرياضة النسائية بتراجعات كبيرة، أدت في يومنا هذا إلى حالة مزرية لا تعكس صورة النظام العام لدولة كالكويت، كما في بداية عهدها الدستوري.تعاني الرياضة النسائية في الكويت ما يمكن تسميته بالازدراء والتهميش من ناحية اجتماعية وحكومية، ولا أدل على هاتين الصفتين سوى وجود ناد يتيم يسمى بنادي الفتاة الرياضي، وهو للعلم ناد تبدلت هويته منذ تأسيسه عام 1975 من ناد يتبع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ولم تكن له هوية محددة وربما كان أقرب لأن يكون جمعية نسائية، إلى ناد رياضي تشرف عليه الهيئة العامة للشباب والرياضة، وذلك في عام 1994، إضافة إلى ذلك فإن النوادي الشاملة والتي يبلغ عددها 14 ناديا لم تستطع خلال العقدين الماضيين كمثال خلق اجواء مواتية للرياضة النسائية إلا من بعض الحالات الشاذة، كما هو الحال في نوادي القادسية والسالمية والكويت، حيث توجد فيها بوادر تحتاج إلى مساندة لبعض الرياضات والالعاب، مثل الطائرة والسلة والمبارزة وكرة الطاولة.ويمكن حصر أسباب هذا التردي في عدد من الاسباب. فهناك الاهمال الرسمي والشعبي للرياضة النسائية إن كان على مستوى الدعم المادي واللوجيستي أو على مستوى التوعية بأهميتها وهي جزئية تتحملها مؤسسات الدولة الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني المختلفة خصوصا النسائية منها. ويضاف الى ذلك السبب ضعف التمويل المالي للحركة الرياضية النسائية، وفي هذا الخصوص تقول رئيسة نادي الفتاة الرياضي مها المطوع في تصريح خصته لـ«الجريدة» أن المبلغ المخصص للمشاركات الخارجية للفرق النسائية الثمانية الموجودة في النادي هي 66 ألف دينار!وهو مبلغ يعبر عن حجم الازدراء الذي تقفه الدولة أمام شريحة من شرائح المجتمع ويرتبط بقضية التمويل ضعف البنى التحتية والمنشآت التي تتواءم مع رياضة كهذه، وهو ما يؤدي إلى عزوف الكثيرات ممن يطمحن الى دخول عالم الرياضة.وتتحمل الحركة الدينية المحافظة جانبا من تراجع الحركة الرياضية النسائية في الكويت منذ ثمانينيات القرن الماضي من خلال ما تبثه من قيم تقلل من أهمية المشاركة النسائية في أكثر من ميدان، ومن بينها الرياضة عبر عرقلة العملية التشريعية من خلال مجلس الأمة ونشر الفتاوى المنغلقة التي ترمي إلى تحجيم دور المرأة في المجتمع ككل.وعلى صعيد آخر، تتحمل الأندية الشاملة والتي تصل إلى 14 ناديا رياضيا قائما بمنشآته ومبانيه وطاقاته البشرية وزر تراجع مثل هذه الرياضة ولا تعد النشاطات التي تقام في عدد قليل من الأندية التي ذكرناها إلا كونها مبادرات نابعة من جهود شخصية لا تعتمد على مبدأ الاستمرارية والتنظيم.أما وزارة التربية وجامعة الكويت فإن دورهما تراجع كثيرا في مد الحركة الرياضية النسائية بالطاقات البشرية التي يزدهر معها مثل هذا النشاط فإدارة النشاط الرياضي في وزارة التربية اليوم لم تعد قادرة على لعب الدور المطلوب لرفد الرياضة النسائية بالموارد البشرية المؤهلة والمدربة، كما كان عليه الحال في العقود المبكرة وخاصة بعد استقلال الدولة، وعلى الجانب الآخر يكاد يكون النشاط الرياضي النسائي في جامعة الكويت شبه ميت بسبب عدم الاهتمام من جانب الادارة، إلى جانب سيطرة التيار الديني والمحافظ على معظم الروابط الطلابية فضلا عن الاتحاد الوطني لطلبة الكويت.وتأتي هذه الاسباب مجتمعة لتبخس حق كثير من الفتيات والنساء في ممارسة الرياضة بمختلف مجالاتها، وبلغة الأرقام فإن عدد الفتيات البالغات من سن 14 وحتى 35 سنة يصلن إلى 282 ألف فتاة بحسب الاحصاء الرسمي لعام 2007.