معرض القاهرة الدولي للكتاب: فضاء تحريضي بامتياز! حسبنا استدعاء المظاهرات الشعبية العارمة الرافضة لمشاركة إسرائيل في المعرض بشكل قاطع، لأن الشعب المصري رافض- حتى النخاع- لكل أنواع التطبيع مع العدو الإسرائيلي، كما تبدّى ذلك في ردود الأفعال العديدة الرافضة له.

Ad

• عُرف معرض القاهرة الدولي للكتاب، ببعض المظاهر و«الفعاليات» الفلكلورية التي يختص بها دون غيره من معارض الكتاب العربية مثل: المقهى الشعبي الذي تعلو فيه «كركرة الشيشة» على هذرة المتحدثين في المقهى الثقافي! وتميّز المعرض أيضا بوجود المطاعم الشعبية التي تقدم «الكشري» والفول والطعمية والكبدة الاسكندراني، وغيرها من لذائذ المطبخ الشعبي «الديمقراطي» المجسد لهتاف: الطعام لكل فم! زد على ذلك (إن شئت) عشرات الباعة الجائلين حتى يخيل إليك أنك في حضرة مولد شعبي جماهيري، وليس في معرض دولي للكتاب!

ومن البدهي أن تهاجم مظاهر المولد الشعبي التي اقتحمت أجندة المعرض، وتطالب بإزالتها، كما حدث هذا العام، لكن المحير هو أن غياب المقهى الشعبي أدى إلى غضب وتأفف عامة الزوار وخاصتهم الذين لا يحتملون تمضية عدة ساعات بمنأى عن كرع الشاي، ومج مبسم الشيشة، بين ساعة وأخرى، وفي هذا السياق دبج الروائي الكبير: خيري شلبي مقالة تدافع عن المقهى وتطالب بعودته!

 

• والحق أن عين زائر المعرض لن تخطئ رؤية حضور الهاجس الأمني متجلياً ببوابة التفتيش الإلكترونية، يعقبها التفتيش الذاتي لكل جغرافية الجسد! وإذا دخلت المعرض، وجدت رجال الأمن المركزي ينتشرون في جنباته تحسباً لأي مظاهرات قد تنطلق من جراء وجود الجماهير الغفيرة الغاضبة لما يحدث في غزة من ممارسات عدوانية إجرامية صهيونية إسرائيلية! ولم يقف الهاجس الأمني عند حد التفتيش، وحضور قوات الأمن المركزي المدجج بعدة وعتاد القمع، بل إنه طال ساعات نهار الجمعة الذي كان يبدأ في العاشرة صباحا، ليتحول ويتبدل إلى الساعة الثانية بعد الظهر درءاً لاحتمالات قيام مصلي صلاة الجمعة بمظاهرات احتجاجية غاضبة عقب الصلاة! وقد تآزر الهاجس الأمني وحضوره مع الجنرال «برْد» على مهمة «تطفيش»... «الزبناء» الذين اعتادوا زيارة المعرض يوم الجمعة، عطلتهم الأسبوعية التي اختزلت إلى خمس ساعات فقط لا غير!

• ومعرض القاهرة الدولي للكتاب: فضاء تحريضي بامتياز! حسبنا استدعاء المظاهرات الشعبية العارمة الرافضة لمشاركة إسرائيل في المعرض بشكل قاطع، لأن الشعب المصري رافض- حتى النخاع- لكل أنواع التطبيع مع العدو الإسرائيلي، كما تبدّى ذلك في ردود الأفعال العديدة الرافضة له.

ومن هنا كانت الخشية من المظاهرات التي تقوم بأرض المعارض، لكن الأمن المركزي حضر بينما غاب الجمهور الحاشد الذي كان يملأ فضاءه بمئات الآلاف، ربما لتزامن وقت المعرض مع موسم الامتحانات الجامعية والثانوية وغيرهما. وعلى الرغم من أن المعرض يتجاوز سن الأربعين في دورته الحالية فإنه بدا لي أن سني النضج والحكمة والخبرة أفضت به إلى الترهل والمراوحة في أروقة البيروقراطية الإدارية المتخلفة!

وإذا كان صحيحاً بأن المعرض يأتي في المرتبة العالمية الثانية، بعد معرض فرانكفورت، فإنه حري به أن يكون الأول- فعلا وممارسة- على معارض «الكتاب العربية»، التي أزعم أن بعضها، قد تجاوزه: إدارة وتسويقا! وليس ضمن البعض معرض الكويت العتيد!