الطريق إلى لاهاي!

نشر في 27-07-2008 | 00:00
آخر تحديث 27-07-2008 | 00:00
 أ.د. غانم النجار

من الواضح أن هناك تحولات كبيرة في سياق تطور المحاكم الجنائية الدولية ورسوخها، وأنها آخذة في التحول، لتصبح حقيقة واقعة، فرادوفان كارادزيتش لن يكون وحيداً في السجن التابع للمحكمة في لاهاي، فهناك على الأقل 37 معتقلاً على ذمة قضايا مشابهة.

بعد أن تم تسليم الرئيس الصربي السابق إلى المحكمة الدولية، بتهم جرائم حرب، قامت جماعات قومية متطرفة بالتظاهر وإعلان حكومة رئيس الوزراء الصربي آنذاك حكومة عميلة، وهدد أكثرهم تطرفاً باغتيال زوران دينديتش رئيس الوزراء، وقد قامت بعض العصابات المرتبطة بـ«المافيا» باغتياله سنة 2003.

ذلك كله لم يمنع الرئيس الصربي بوريس تاديتش المنتخب حديثاً من أن يلقي القبض على رادوفان كارادزيتش يوم الاثنين الماضي تمهيداً لتسليمه إلى المحكمة الدولية في لاهاي بعد 13 سنة،

وقد أطلقت الجماعات القومية المتطرفة تهديدات مماثلة لتلك التي أطلقتها حين اعتقل ميلوسوفيتش، واتهمت الحكومة الصربية بالعمالة للغرب، معلنةً «كلنا رادوفان...»، ومذكِّرةً الرئيس الصربي وطاقمه بمصير رئيس الوزراء السابق دينديتش الذي اغتالوه بسبب تسليمه ميلوسوفيتش.

لم يحدث حتى الآن منذ أن بدأت المحاكم الجنائية الدولية عملها في أوائل التسعينيات أن تم تسليم أحد المتهمين مباشرة. فتشارلز تايلور الرئيس الليبيري السابق، الذي أدين من قبل المحكمة الجنائية الدولية بسيراليون، لم يتم تسليمه إلا بعد ثلاث سنوات من تاريخ مطالبة المدعي العام الدولي ديفيد كرين، وأن الرفض والتحدي يتحول تدريجياً إلى تعاون، والقبض على المتهمين حالما تحدث تحولات وتغيرات سياسية.

من الواضح، أن هناك تحولات كبيرة في سياق تطور ورسوخ المحاكم الجنائية الدولية، وأنها آخذة في التحول لتصبح حقيقة واقعة، فرادوفان كارادزيتش لن يكون وحيداً في السجن التابع للمحكمة في لاهاي، فهناك على الأقل 37 معتقلاً على ذمة قضايا مشابهة، وسينضم إليهم كارادزتش ليواجه القضاء.

وهكذا لم يعد مفيداً على الإطلاق التعامل من منطلق سياسي بحت، وإطلاق شعارات التحدي، والظن بأن هذه الإجراءات هي التي ستوقف المحكمة عن المضي في إجراءاتها، يأتي هذا خصوصاً في حالة السودان، فالمحكمة الجنائية الدولية تختلف عن المحاكم الخاصة السابقة المنشأة كلياً من مجلس الأمن، بينما المحكمة الجنائية الدولية قد أنشأتها «اتفاقية روما» وتتمتع باستقلالية غير مسبوقة في تاريخ العدالة الدولية.

back to top