لم يكن للكويتيين قط أصل مشترك أو عادات وتقاليد أو ثقافة موحدة، فبشكل عام حافظ كل عرق على إرثه من الوطن الأم، ولعل في مراسيم وتقاليد الزواج والزفاف خير مثال على هذا التنوع والاختلاف.

Ad

منذ أيام كشفت الزميلة «القبس» عن توجه حكومي «لإلغاء مادة التجنيس عن أبناء الكويتيات الأرامل والمطلقات، فضلا عن إلغاء المادة الخاصة بتجنيس غير الكويتيات المتزوجات من كويتيين عبر إعلان الرغبة»، وذلك «من باب الحفاظ على الهوية الكويتية، خصوصاً أنه وفقا للإحصاءات سيتضاعف التعداد السكاني خلال الأعوام العشرة المقبلة!»، ولا أفهم أي «هوية» تود هذه الأطراف المحافظة عليها؟ وكيف يصبح سلب حق الجنسية من أبناء وبنات مواطنيها الحل الأمثل؟

التعريف التقليدي للهوية الوطنية هو العوامل التي تعرِّف ملامح الأمة والمجتمع مثل؛ الأصل المشترك، والعرق، والتراث، واللغة، والدين، والثقافة. وحسب هذا التعريف التقليدي، فالكويت لا تملك هوية وطنية ولم تملكها قط!، فباستثناء اللغة والدين (وهما ما نشترك فيه مع العالم العربي كله) لم يكن للكويتيين قط أصل مشترك أو عادات وتقاليد أو ثقافية موحدة، فبشكل عام حافظ كل عرق على إرثه من الوطن الأم سواء كان السعودية أم إيران أم العراق أم غيرها من الدول التي هاجر منها الكويتيون الأوائل. ولعل في مراسيم وتقاليد الزواج والزفاف خير مثال على هذا التنوع والاختلاف.

وهذا التعريف للهوية الوطنية لا ينطبق على معظم دول العالم، لأنه مبني على مفهوم الدولة ذات الأمة الواحدة (Mono-nation)، والذي اختفى تدريجياً بعد الحرب العالمية الثانية. وبرز في المقابل تعريف عملي للدول ذات الأمم المتعددة (multi-nations) مثل سويسرا أو الولايات المتحدة. وتعرف الهوية الوطنية في هذه الدول بالرغبة واختيار الانتماء إلى الدولة (Will) والشعور بالمواطنة والإيمان بما يترتب عليها من قيم ومبادئ. وإذا طبقنا هذا على الولايات المتحدة ذات الثقافات والأعراق المتعددة نجد أن الهوية الوطنية تعرف بمدى ولاء المواطن لوطنه وإيمانه بالمبادئ الأساسية التي قامت عليها الدولة مثل؛ الحرية والديمقراطية والمساواة واحترامه لقوانينها ونظمها.

وهذا التعريف هو الأكثر عملية، خصوصا في ظل العولمة وانفتاح الشعوب على بعضها وتداخل الأمم. وهو الأقرب للإنسانية وحقوق الإنسان لأنه مبني على الاختيار لا على عوامل لا يمكن للمواطن التحكم فيها كالعرق أو التراث، ولكنه الأصعب في التطبيق والقياس لأنه يفترض سياسة واستراتيجية واضحة لخلق وتعزيز مفهوم المواطنة تتحدد على أساسها قوانين الدولة وسياساتها التعليمية والتربوية والثقافية والاجتماعية.

الجنسية حق لأبناء مواطني هذه الدولة، ذكورا وإناثا. وهو حق ضمنه الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولا يحق للدولة سلب هذا الحق لمجرد فشلها في خلق هوية وطنية وتعزيز مفهوم المواطنة، فتصحيح الخطأ لا يكون بخطأ أكبر.