Ad

نظام حكم دمشق العربي والمسلم وقيادة الأسد بالذات  لا يمكن أن تفرط بإرث سورية التاريخي والمعنوي والمتواصل عبر الأجيال من أجل أحلام ساركوزي القيصر المغرور المغامر والمتقلب، الذي يحاول اليوم أن يعطي أميركا في السياسة ما خسرته في الحروب!

لقد حاولت الدوائر الغربية وبشكل حثيث، كما هو معروف ولمدة ليست بالقصيرة، ما سموه وقتها بعزل سورية عن إيران أو احتوائها في محاولة لإعادتها، حسب نصائح معسكر المعتدلين العرب، إلى الحظيرة العربية بعد أن وقعت، كما كانوا يقولون، في الحضن الفارسي!

لكن الغرب وبعد محاولات يائسة أقر وأذعن أن ذلك ليس بالممكن، وها هو اليوم يحاول الدخول إلى اللعبة نفسها، ولكن من الباب الخلفي أي محاولة فك التحالف السوري - الإيراني من خلال إغراء سورية، بما سموه، بدور الوسيط بينها وبين إيران المتمردة على المجتمع الدولي!

وكما وصفنا المحاولة الأولى وبصريح العبارة وقتها بأنهم ما عزلوها ولكن شُبه لهم، نقول اليوم إنهم ما وُفقوا في المهمة الجديدة وإن شبه لهم ذلك!

فالرئيس السوري بشار الأسد ما إن وصل إلى طهران حتى نفى وبشكل قاطع أن يكون وسيطا بينه وبين حليفه الاستراتيجي الذي كان ينتظره ليحتفل معه بسقوط أولمرت وخريف الصهيونية، والأهم من ذلك بانتصار الحليف الأهم لكليهما أي «حزب الله» اللبناني بانتصاراته التي تشغل العالم اليوم، والتي هي وراء تهافت المشروع الأميركي - الصهيوني في المنطقة!

في المقابل، فإن الرئيس الإيراني الذي أبلغ الأسد بوضوح وقوة رؤية بأن بلاده لن تتنازل «قيد أنملة» عما تعتبره حقها الطبيعي والمشروع في دورة نووية كاملة بما فيها عملية تخصيب اليورانيوم، يكون قد أغلق الباب نهائيا أمام أي محاولة للإيقاع بين الطرفين الحليفين!

وإذا ما دققنا في ما ذهب إليه مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي، عندما قال لبشار إنه الوريث الحق للرئيس الراحل حافظ الأسد الذي كان الداعم والمساند والوفي الدائم لنا، وواضع حجر الأساس لما نحن عليه اليوم من تحالف استراتيجي يجب أن يقوى ويتعزز أكثر من أي يوم مضى، فإن أحلام قيصر أوروبا الجديد في شق صفوف التحالف الاستراتيجي بين دمشق وطهران تكون قد ذهبت مع الريح تماما!

إنه الغرب «الساذج» مرة أخرى، الذي لا يرى العالم إلا تابعا للعقل «الديكارتي»، والذي لا يفهم أن للفؤاد والقلب لغة لا يفهمها العقل، كما يقول الفيلسوف والعارف الكبير محيي الدين بن عربي، وبالتالي فإن نظام حكم دمشق العربي والمسلم وقيادة الأسد بالذات لا يمكن أن تفرط بإرث سورية التاريخي والمعنوي والمتواصل عبر الأجيال من أجل أحلام قيصر مغرور ومغامر ومتقلب، يحاول اليوم أن يعطي أميركا في السياسة ما خسرته في الحروب!

صحيح أن دمشق وطهران تلعبان دورهما في معادلة الكر والفر الدوليتين بامتياز، وتحاولان شراء الوقت اللازم لاتمام مهمة الاستقلال الوطني الناجز لبلديهما والاستمرار في دعم حلفائهما من غزة المحاصرة ظلما وعدوانا، إلى بيروت المزهوة بالانتصارات هذه الأيام، إلى بغداد التي تعض على الجراح إلى حين حلول موعد الوثبة الكبرى، لكنهما تفقهان تماما ما لا يفقهه ساركوزي المغامر بدور القيصر الأوروبي الجديد، بأن مَن يمكن أن يضع الشروط إذا كان هناك ثمة شروط لأي مفاوضات بدأ يذعن لها المهزوم، لم يعد ذلك الأميركي المتجبر الذي يجتاح البلدان ويغزو الأوطان والناس نيام، بل إن الزمن بات زمن المقاومين والممانعين من عرب ومسلمين بامتياز، وإن لم تظهرهم المعادلة الدولية بعد كما يجب، كما أن ما لم تأخذه أميركا بالحرب لا يمكن أن يمنحه إياها ساركوزي بالسياسة!

وكما فشلت المحاولات كلها لعزل سورية وتركيع إيران عن طريق استخدام لبنان ساحة للعب في إطار الفتن المذهبية المتنقلة، فإن محاولات فك التحالف السوري - الإيراني عن طريق التذاكي والتحايل أو الالتفاف على إنجازات كل من دمشق وطهران وحليفهما القوي والمصان والمعزز بالانتصارين العظيمين، ليس فقط لم يعد ممكناً وعفا عليه الزمن، بل بات من مقامرات العصر، ذلك لأن زمن النصر تجلى وزمن الهزائم حقاً قد ولَّى، كما تقول الأهزوجة الشعبية اللبنانية العربية بحق!

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني