رغم التقارير التي تؤكد أن السفينة الصينية «آن يو جيانغ» التي كانت تحمل الأسلحة إلى زيمبابوي قد عادت أدراجها، فإننا لا ندري من أي جهة أخرى قد تتمكن قوات الرئيس روبرت موغابي العسكرية والبرلمانية من الحصول على أسلحة. فعلى ضوء أعمال القمع الوحشية المتصاعدة ضد «الحركة من أجل التغيير الديمقراطي» المعارِضة- وهؤلاء الذين ساندوا «الحركة من أجل التغيير الديمقراطي» بدعمهم حتى تتمكن من الفوز بالانتخابات الرئاسية، التي لم يتم الإعلان عن نتائجها حتى الآن، رغم مرور أربعة أسابيع منذ انعقادها- أصبحت الحاجة ملحة إلى فرض حظر على توريد الأسلحة إلى زيمبابوي.
ونحن ندعو الاتحاد الأفريقي أيضاً، وبدعم من الأمم المتحدة، إلى إرسال فريق تحقيق إلى زيمبابوي لتحديد الإجراءات الإضافية التي قد تكون لازمة لتنفيذ مبدأ «المسؤولية عن الحماية»، وهو المبدأ الذي حظي بقبول دولي.كانت القمة العالمية التي عقدتها الأمم المتحدة في عام 2005 قد تبنت بالإجماع مبدأ «المسؤولية عن الحماية». بيد أن الأمر مازال يثير الخلاف والجدال، وذلك لأنه هذه المسؤولية قد تعني ضمناً في كثير من الأحوال استخدام القوة العسكرية للتدخل بهدف تحقيق أغراض إنسانية. ونحن نعتقد، كما أدركنا من خلال القمة العالمية التي عقدتها الأمم المتحدة، أن اللجوء إلى القوة العسكرية لابد أن يكون ملاذاً أخيراً حين تنشأ الحاجة إليه لمنع أو وقف الخسائر في الأرواح البشرية على نطاق واسع. وتتلخص الخطوة الأولى في هذا السياق في جمع المعلومات الجديرة بالثقة حتى يصبح في الإمكان تحديد الإجراءات الدولية اللازمة لمنع وقوع كارثة إنسانية.في حالة زيمبابوي تتضح الصعوبة البالغة في الحصول على مثل هذه المعلومات. فقد عَـمِد نظام موغابي إلى إغلاق المنافذ الإعلامية المستقلة على نحو منظم، وشن هجوماً شرساً على منظمات المجتمع المدني، ورفض منح الصحافيين الأجانب تأشيرات الدخول إلى البلاد، واعتقل الصحافيين الذين دخلوا البلاد رغم ذلك.كان المراقبون الأجانب حاضرين أثناء عملية التصويت في زيمبابوي في التاسع والعشرين من مارس، ولقد ساعد وجودهم في ضمان عقد الانتخابات بصورة سلمية. إلا أن المراقبين رحلوا عن البلاد منذ ذلك، والتقارير التي تسربت تشير إلى أن معارضي موغابي، في بعض أجزاء البلاد، يعيشون الآن تحت حكم القهر والترويع.ينص القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي في فقرته الرابعة على «حق الاتحاد في التدخل في البلدان الأعضاء بموجب قرار من الجمعية، إذا ما اشتمل الأمر على ظروف خطيرة، وعلى وجه التحديد: جرائم الحرب، والتطهير العرقي، والجرائم ضد الإنسانية (فضلاً عن التهديد الخطير للنظام الشرعي)».ولكن هنا أيضاً، لابد أن يأتي التدخل العسكري الفعلي كملاذ أخير. ففي حالة زيمبابوي على سبيل المثال، قد يكون إرسال مراقبين مسلحين من دول أفريقية أخرى كافياً. إذ أن وجود هؤلاء المراقبين، وقدرتهم على جمع المعلومات الموضوعية، من شأنه أن يؤدي إلى منع استمرار العنف أو المزيد من التصعيد، الذي استمر طيلة الأسابيع الأخيرة القليلة، من التفاقم إلى الحد الذي يجعل التدخل العسكري أمراً لازماً. ويستطيع المراقبون المسلحون أيضاً أن يساعدوا في ضمان وصول المساعدات الغذائية الإنسانية، التي يعتمد عليها أغلب الشعب الزيمبابوي من أجل البقاء، وتوزيعها بالتساوي، من دون النظر إلى الانتماءات السياسية لهؤلاء الذين يحتاجون إليها.في وقت سابق من هذا العام نجح الاتحاد الأفريقي، بفضل المساعي الحميدة التي بذلها الأمين العام السابق للأمم المتحدة، الجنرال كوفي عنان، في تجنب وقوع الكارثة في كينيا، بعد أن أدت الانتخابات المتنازع على نتائجها إلى انتشار العنف على نطاق واسع. ويبدو أن زيمبابوي الآن تمر بظروف خطيرة مشابهة. ومرة أخرى، يتعين على الاتحاد الأفريقي، بدعم من الأمم المتحدة، أن يظهر ذلك القدر من الزعامة الذي يؤكد للعالم أن أفريقيا تمتلك الرغبة والقدرة على التعامل مع أي أزمة كبرى على النحو الذي يؤدي إلى تخفيف المعاناة عن الشعوب الأفريقية.* أرييه نيير ، رئيس «معهد المجتمع المفتوح».«بروجيكت سنديكيت» بالاتفاق مع «الجريدة»
مقالات
حماية زيمبابوي
18-05-2008