ثلاثة أيام فقط تفصلنا عن المستقبل، عن تشكيل الكويت الجديدة، عن الكويت التي يحارب المرشحون قدامى وجدداً، رسم معالمها متى ما وصلوا إلى البرلمان، أو متى ما أوصلهم ناخبوهم إلى المقاعد الخضر بقاعة عبد الله السالم.

Ad

الجميع يعلم أن الكويت بحاجة إلى واقع جديد، تفرضه المتغيرات العالمية، والوفرة النفطية، والوعي السياسي والمجتمعي، وهي عوامل تبلورت ملامحها وتشكلت في الأعوام العشر الأخيرة.

الكويت الآن، ومنذ زوال النظام البعثي، تحاول تسويق نفسها كمركز مالي عالمي للتجارة والاقتصاد، وهذا الدور ليس بجديد عليها، فالدولة قبل حداثتها، كانت تلعبه بحرفية مستفيدة من موقعها الجغرافي، ولا يخفى أن مرد إحياء هذه الفكرة، يعود بالدرجة الأولى إلى ضرورة وجود مصدر ثان للدخل، يحافظ على وجودها، ويحميها من تقلبات أسواق النفط من جهة، ومن احتمال إما نضوب المصدر الرئيس لدخلها، وإما ظهور مصدر بديل للطاقة.

كما أن التحول إلى مركز مالي واقتصادي إقليمي، يتطلب أن يكون هذا المشروع مدعوماً من دولة بكامل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية، إلى جانب تضمنه رؤية النظام نفسه، وهو ما يؤكد أن التغيير اليوم أصبح أمراً مطلوباً، فنحن نحتاج إلى حكومة تقدم رؤاها بهذا الشأن، بقدر حاجتنا إلى برلمان يساهم في خلق التشريعات اللازمة لتحويل دفة هذا الوطن ناحية هذه الوجهة.

النظام تحالف في ما مضى مع الإسلاميين، وجنينا من هذا التحالف التراجع عن موقع الريادة، وانتشار الفساد المالي والإداري، وخذلتنا الدولة أكثر من مرة، عند أكثر من منعطف، آخرها الدوائر الانتخابية، وقبلها إعادة الإعمار بعد الخروج من كارثة الغزو العراقي، وأزمة المناخ، وغيرها، حينما كان همّ النظام نصرة حلفائه الجدد، وفتح المنابر والمنابع لهم، متغافلاً عن دولة كانت تغرق على مهل.

اليوم، لن نزيد رش الملح على جراحنا، بل سنتناساها، وسنفتح مع الجميع صفحة جديدة، عنوانها الكويت أولا، وقبل كل شيء، وأبرز عناوينها، أننا سنغير، وسنتحول من مرحلة «التحلطم» على الواقع، إلى تغيير الواقع، الذي سنساهم فيه جميعاً، حينما نتوجه بعد ثلاثة أيام إلى صناديق الاقتراع، ونختار الأصلح لكويت المستقبل، للحريات، للتغيير.

الكويت اليوم أمام منعطف تاريخي، وفرصة ذهبية لتعويض ما فاتها، والدخول بخطى ثابتة نحو واقع جديد، تفرضه متطلبات المرحلة الحالية، وسوء التجربة السابقة، التي بلا شك، كان الساسة الإسلاميون أبرز لاعبيها، وللتدليل، تذكروا كويت سامي المنيس، وعبد العزيز الصقر، وحمود الزيد الخالد، وجاسم القطامي، ومحمد الرشيد، وأحمد الخطيب، وفيصل الصانع، ومحمد المرشد، وحمد الجوعان وأحمد الربعي، وعبد الله النيباري، وبقية كوكبة الفرسان التي أعلت الكويت على نفسها، فعلت بهم الكويت، وقارنوها بكويت «حدس» والسلف، ومن لف لفهم، من دون ذكر أسماء الذين علوا على حساب الكويت، فأصبحنا معهم على ما نحن فيه نادمين.

بعد ثلاثة أيام، ضعوا الكويت نصب أعينكم، وصوتوا للمستقبل الذي تريدون، فأنتم على قدر الأمانة، والمسؤولية، وأثبت التاريخ أن إرادة الشعوب الحرة، وحدها هي التي تصنع المستقبل، متى ما صحت النوايا وصدقت الأفعال.