استحقاقات رئيس الحكومة المقبل

نشر في 21-05-2008
آخر تحديث 21-05-2008 | 00:00
 أحمد عيسى

ستجد الحكومة نفسها ملزمة بدعم مرشح «السلف» لمقعد نائب رئيس مجلس الأمة، والتضحية إلى جانب ذلك بحقيبة الأوقاف، وتسليمها للتيار السلفي. وسيتحتم عليها أيضا البحث عن مناصرين لها داخل قاعة «عبد الله السالم»، ما سيجبرها على إقامة تحالفات توفر بمقتضاها حصصاً للكتل الأكثر تأثيراً في ضوء ما أسفرت عنه الانتخابات الأخيرة من نتائج.

أُغلقت صناديق اقتراع مجلس الأمة، وأُعلنت كلمة الناخبين، وحدد الكويتيون شكل مستقبلهم، الذي جاء وفقاً لمعطيات الدوائر الخمس، واتجهت الأنظار هذه المرة ناحية قصر السيف، حيث تتشكل على مهل قائمة الفريق الحكومي، الذي سيتحتم عليه التعاطي مع برلمان شرس، على الأقل في عامه الأول، والتعاطي مع ثلاثة ملفات رئيسية، إزالة التعديات على أملاك الدولة، تعامل وزارة الداخلية مع الانتخابات الفرعية، وأخيرا إسقاط القروض وزيادة الرواتب، كونها الملفات الأبرز على أجندة النواب الفائزين.

السؤال الأهم، كيف سيوفر سمو رئيس مجلس الوزراء، «شبكة أمان» برلمانية، تقيه وأعضاء فريقه من خطر الأيام المقبلة؟، خصوصاً في ظل تنامي موجة استياء عامة من الأداء الحكومي، وارتفاع أصوات نيابية تطالب بإقصائه عن المعادلة السياسية.

سيكون وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، على رأس قائمة المطلوبين التي سيعلقها النواب الجدد في قاعة عبد الله السالم، وسيتوزع دمه بين «القبائل»، التي انتصرت لمرشحيها الذين حاربهم بقواته الخاصة ورجال المباحث، بحثاً عن «صندوق فرعي» هنا، أو مرشح «تشاورية» هناك، وهو ما أدى إلى التهديد بإطاحته، من قبل مرشحين لم يصلوا إلى البرلمان بعد، فجاء الرد الشعبي بنصرتهم «على من عاداهم»، انتقاماً لكرامة أبناء عمومتهم، حسب فهمهم بالطبع.

الأمر الآخر، فوز «السلفيين» ومن دار في فلكهم، إذ يشكلون وحدهم كتلة مهمة قوامها 5 + 4، ما يستلزم الجلوس مع زعمائهم على طاولة مفاوضات، وبحث إمكان تحقيق فوز للطرفين؛ الحكومة والسلف، إذ يحتاج كلا الطرفين إلى بعضهما بعضاً لإنجاز مكاسب أمام الشارع المحافظ، ولاسيما بعد سقوط الإخوان المسلمين، وإعلان تحالف حكومي سلفي جديد، يرغب بتجيير هذا الزخم لمصلحته في أسرع وقت.

وعليه ستجد الحكومة نفسها ملزمة بدعم مرشح «السلف» لمقعد نائب رئيس مجلس الأمة، والتضحية إلى جانب ذلك بحقيبة الأوقاف، وتسليمها للتيار السلفي، كونه سيضعها مؤكداً على رأس قائمة مطالبه، خصوصاً أن آثار إقالة الـوزير عبد الله المعتوق لا تزال ماثلة أمامنا، إثر تقديم طلب استجوابه من قبل وليد الطبطبائي وعلي العمير عنصري التيار في البرلمان السابق.

وسيتحتم على الحكومة أيضا البحث عن مناصرين لها داخل قاعة عبد الله السالم، ما سيجبرها على إقامة تحالفات توفر بمقتضاها حصصاً للكتل الأكثر تأثيراً، وأتوقع أنها لن تجد غضاضة في إعادة إحياء تحالفها مع كتلة العمل الوطني التي لم تتغير نسبتها، إلى جانب احتوائها للنواب الشيعة، والتنسيق مع التكتل الشعبي الذي سيرضى بما سيقدم له، وسيفاوض «خاطبي وده» على دعم زعيمه أحمد السعدون في انتخابات الرئاسة متى ما قرر خوضها، لإعادة الاعتبار للتكتل بعد أن أطلق عليه «تأبين مغنية» رصاصة الرحمة من جهة، وللتغطية على فقدان أعضائه الشيعة ومحمد الخليفة والمركز المتأخر للسعدون من جهة أخرى، إلى جانب ضمان حصة النواب القبليين من مطران وعوازم، كون العرف في الحكومات السابقة جرى على إشراكهم فيها، وفقا لميزان القوى داخل البرلمان.

هذه المعطيات حتماً ستكون من أولويات رئيس الحكومة الجديدة خلال الأيام القليلة المقبلة، التي سيختار بمقتضاها أعضاء فريقه الحكومي، والتي ستبدو نتيجتها، إما إيجاباً فتكون حكومته إعلان تهدئة، وإما بإعلان عدم التعاون من اليوم الأول، مع الأخذ بعين الاعتبار أن أحبار خيارات الناخبين لم تجف بعد، وعلى الجميع قراءة فحوى الرسالة التي أراد إيصالها، وضمنها كلمته «الفصل في كيفية إدارة الدولة». فإما هذا وإما العودة إلى المربع الأول مرة أخرى، وما أحلى الرجوع إلى صناديق الاقتراع، والحصول على ثقة الكويتيين مرة تلو الأخرى.

back to top