قضايا الإسكان تحديداً لا يمكن أن تفسر كورقة سياسية لضرب الحكومة، بل إن معالجتها بالصورة المثلى تصب في مصلحتها كما أنها من مصلحة المواطن على حدٍ سواء.

Ad

السكن الخاص حلم كل إنسان على وجه الأرض، وبيت العمر الذي قد يكون له الأولوية القصوى لدى أغلبية الشعب الكويتي على مستوى الطموح الشخصي وضرورة الإحساس بالأمن الاجتماعي، ولكن قد تقوم قيامة الحكومة في حالة الضغط النيابي عليها أو على وزرائها المعنيين من أجل الإسراع بتنفيذ قوانين الرعاية السكنية على مستحقيها من الأسر الكويتية، وسرعان ما يُفسر ذلك على أنه تصعيد وتأزيم ومؤامرة من شأنها إدخال البلد في نفق مظلم إلى آخر هذه الأسطوانة المشروخة!

وعلى الرغم من المحاولات النيابية المتكررة في تعديل قوانين الرعاية السكنية وتفعيل دور القطاع الخاص في تأهيل واستصلاح الأراضي الخاصة لتنفيذ القانون رقم (47) لسنة 1993 والذي يقضي بتوفير سكن مناسب لكل أسرة كويتية خلال خمس سنوات من تقديم الطلب وبعد تكرار تعزيز الميزانيات المالية لهذا الغرض، لاتزال معادلة العرض والطلب مستعصية بسبب الفجوة الكبيرة بين الطلبات السنوية الجديدة بمعدل ستة آلاف طلب من جهة، والبطء الشديد في توزيع القسائم السكنية أو البيوت الحكومية الجاهزة بواقع 2000 وحدة سنوياً من جهة أخرى، علماً بأن التخصيص والتوزيع هذه الأيام صوري أي مجرد تحديد الموقع على الخريطة!

وبالإضافة إلى كون الرعاية السكنية حقا دستوريا لكل أسرة كويتية يكفله قانون واجب التنفيذ، إلا أن فئة الشباب بحماسها واستعجالها للحصول على البيت الموعود تضيف بعداً جديداً آخر يحتم الإسراع في ترجمة هذه الخطط لتفادي عواقبها الاجتماعية والسياسية التي بدأت تطفو على السطح أصلاً.

وهذه حسبة رياضية بسيطة لعلها تقنع ليس المواطن العادي بل كل من وزيرة الإسكان بمؤهل الدكتورا في إدارة الأعمال ووزير البلدية وهو دكتور مهندس أيضاً إضافة إلى الوزير المهندس الذي يحبس أكثر من 90% من أراضي الدولة بحجة وجود أو مرور النفط تحتها، بأن قضايا الإسكان تحديداً لا يمكن أن تفسر كورقة سياسية لضرب الحكومة، بل إن معالجتها بالصورة المثلى تصب في مصلحتها كما أنها من مصلحة المواطن على حدٍ سواء.

ففي ظل حاجة 99.9% من المواطنين إلى السكن الحكومي، لنفترض أن مواطنا جامعيا متزوجا دخله الشهري يبلغ 700 دينار يضطر إلى شراء منزل عادي بمساحة 400 متر مربع بسعر السوق وفي أقل الضواحي السكنية مستوى، فإن قيمته سوف لا تقل عن 300 ألف دينار أي ما يعادل مليون دولار أميركي، ولنفترض أن هذا المواطن يقوم بتسديد كامل راتبه لسداد قيمة هذا البيت (من دون فوائد)، فإنه بحاجة إلى 36 سنة لسداده أي ما يعادل عمره الوظيفي مرتين، أما إذا سدد نصف راتبه شهرياً، فإنه يستدخل بيته بعد 72 سنة «إن شاء الله»، وهذا طبعاً إذا كان هذا البيت في صباح الناصر أو الجليب أو الصباحية أو الرميثية!!

أما في حالة انتظار بيت الحكومة، فإن كلفة الإيجارات التي يتحملها كل مواطن خلال عشر سنوات تبلغ 36 ألف دينار ما بين ما يدفعه شخصياً كجزء من دخله إضافة إلى بدل الإيجار الحكومي، أي أن كل دفعة سنوية مكونة من 6 آلاف طلب تكلف على مدى 10 سنوات 216 مليون دينار، مما يعني أن إجمالي الإيجارات لطالبي الرعاية السكنية اليوم، وهم 80 ألف طلب، سوف يكلف 17 مليار دينار مناصفة بينهم وبين الميزانية العامة!

وفي المقابل تقدمت وبعض الزملاء النواب عام 1999 بمشروع لإنشاء مدينة الصبية وبطراز عصري يستوعب 50 ألف وحدة سكنية وبمساحة 750 مترا مربعا لكل وحدة سكنية وبكامل مرافقها المكونة من ثلاثة مستشفيات مركزية ومطار دولي وحرم جامعي وتنظيم داخلي يضم المدارس والحدائق العامة والمساجد والأسواق المركزية ويستكمل خلال 10 سنوات بكلفة 6 مليارات دينار!

وبعد ذلك فمن يشد على الحكومة في هذا الموضوع يتهم بكونه تأزيمياً ويدغدغ العواطف الشعبية ويعطل مشاريع التنمية بل يريد إسقاط الحكومة وحل مجلس الأمة!